مازالت تفاعلات الرصاصة التي أصابت الشابة رجاء حديث الرأي العام، وقد ملأ التعليق عليها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسمت الآراء حولها ، فالبعض اعتبر العملية خطأ بشريا عاديا ويجب أن لا يعطى أكثر من حجمه بينما اعتبرها آخرون نوعا من تغول السلطة، ولم يتورع البعض عن تشبيه نجل رئيس الجمهورية بخميس القذافي..
ورغم أن الحادث كان بالامكان أن يبقى حادثا عاديا كجميع الحوادث المماثلة التي تعج بها العاصمة نواكشوط، حيث لا يخلو يوم من عمليات اغتيال وتصفية حسابات بين مراهقين أعماهم السكر أو التنافس على الاستحواذ على قلب فتاة تحررت هي الأخرى من جميع القيود الاجتماعية والاحتشام الذي يفرضه المجتمع بعاداته وتعاليم دينه الحنيف. تناسى الجميع كل تلك القيم، وبدل التساؤل عن الطريقة التي جمعت هؤلاء المراهقين في هذا الوقت المتأخر من الليل، رغم "تناقض" خلفياتهم الاجتماعية(ولد الشافعي، ولد عبد العزيز، رشيد المغربي، الفتاة رجاء)، وتأثير هذا الانحراف على المجتمع .. وهل كان الأمر مجرد "صدفة سارة " لخصوم ولد عبد العزيز حتي ينصرف تفكير الرجل عن التفرغ لحل الأزمات العامة للبلد، فقد حدثت الواقعة في الوقت الذي تعبئ فيه المعارضة أنصارها في المناطق الشرقية وينعقد اجتماع للوسطية ويتم التحضير لاجتماع أمني لدول الساحل وهناك حراك برلماني للأغلبية لرفض الترشح المستقل؟! بدل التفكير في خلفيات وأبعاد هذا الاعتداء، تم التقاطه بتلهف كبير من طرف البعض، وكأنه علي موعد مع الحدث، فلم تعد الرصاصة رصاصة طائشة من مراهق طائش، بقدرما تحولت إلى رصاصة موجهة للنظام . كل هذه الخلفيات جعلتنا نتجاوز الحادث كحادث إنساني بامتياز، قام به مراهقون جمعتهم المراهقة والانحراف، ولم يعد للرئيس ولاذووهم أية مسؤولية فيه، إلي تسييس الأمر وكأن الرئاسة تضمن الحصانة من الانحراف، أو يجوز لأبناء الرعية الانحراف ولا يجوز الانحراف لأبناء للقادة. لم يشفع لولد عبد العزيز أنه سلم ابنه للقضاء وأمر بأن يتم التعامل معه كأي مواطن عادي، وهي سابقة مهمة كان من الواجب التنويه بها ليعلم الجميع أنهم متساوون أمام القانون، بل لم ينل هذا الإجراء حظه من التعليق، مثلما حظيت الطائرة التي أقلت الفتاة إلى المغرب للعلاج، وكأننا أمام سيناريو محكم الحبك لا يريد للقضية أن تنتهي، ليتم إرباك الرئيس، فيصبح ذهنه مشتتا ما بين تفكير والد بابنه ورئيس برعيته. محطات متعددة تجعلنا نشك في أن تكون الصدفة هي من جمعها، وتجعلنا نقول رغم أننا لسنا من المؤمنين بمبدأ المؤامرة، أن القضية لم تكن بما نتصور من البراءة، وأن "الرصاصة" لم تكن موجهة إلى الفتاة رجاء، فلو كان الأمر كذلك لاكتفينا بمراقبة التحقيقات وباعتقال نجل الرئيس الذي كنا نخاف أن يكون فوق القانون ويبقى طليقا، بل كانت موجهة علي الأصح لولد عبد العزيز، وهناك أشياء غامضة، وحدهم العالمون ببواطن الأمور من يدركون حقيقتها، والزمن كفيل بكشفها. lمراقب