أعلنت مجموعات شبابية مؤخرا عن ميلاد "حركة التجديد" انطلاقا من رؤية جديدة للممارسة السياسية في موريتانيا. وقد التقت صحيفة "أقلام" منسق هذه الحركة بسيف ولد سيد احمد، فكان لها معه الحوار التالي حول دواعي تشكيل حركته وتموقعها وما الذي يمكن أن تضيفه للمشهد السياسي الوطني:
أقلام: أعلنتم مؤخرا عن إنشاء حركة التجديد، كيف تشكلت هذه الحركة؟ وما لذي بإمكانها أن تضيفه لمشهد مشحون بالمبادرات والحركات والأحزاب؟
بوسيف: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي سيد ا لمرسلين. أود أن أشكر جريدة أقلام وأن أقدم من خلالها كل التحية إلي الإخوة القراء والي جميع الموريتانيين. لقد كان مسلسل ميلاد حركة التجديد عملية عسيرة استغرقت زهاء ثمانية أشهر من النقاش الفكري والحوار المكثف بين مجموعات شبابية بعضها كان ينتمي لأحزاب معارضة وبعضها منضو في ما يعرف بحركة 25 فبراير والبعض الأخر لم يكن في وقتها ناشطا في أي حزب أو حركة سياسية وطنية. وقد عكف المؤسسون علي دراسة الوضع في البلد وأرادوا للحركة أن تكرس قطيعة جذرية مع ظاهر المبادرات المشبوهة والأحزاب المعروضة للمزاد العلني وغيرهما من أنماط المتاجرة بالرأي والقناعة .
لذلك كان لا بد من العمل في صمت تام مدة هذه الفترة المذكورة علي صياغة مبادئ نبيلة وأفكار سامية يتقاسمها باقتناع تام مؤسسو هذه الحركة وقادرة في نفس الوقت علي إقناع منخرطين جدد . لقد كلفنا هذا الالتزام المبدئي خلافات مع البعض وتهكما من البعض الأخر ولكن في الأخير تمكن المؤسسون من الخروج بالحركة من مرحلة التأسيس وبصياغة ميثاق سياسي توافقي يلزم الجميع ورؤية سياسية ومواقف متناغمة من جل القضايا العامة.
أما بالنسبة لشق السؤال المتعلق بما يمكن أن نضيفه للمشهد السياسي , فإني أري دون مزايدة , أن حركة التجديد ولدت أساسا من رحم رفض الممارسة السياسية وفق قوالب نمطية هي المسئولة عن تخلف البلاد عن ركب التنمية والديمقراطية وشيوع ثقافة التجاذب الحاد الذي غالبا ما يتجاوز حدود اللباقة والمسؤولية.
لا يخيفنا إطلاقا أن يكون الجو السياسي مشحونا في حدود احترام الدستور بقدر ما نخشى أكثر استسلام الكثيرين وركونهم إلي لغة الخشب وروتين الكلمة وضعف المرتكز الفكري .
نعترف بصعوبة المهمة بسبب ما خلده ساستنا من نظرة سلبية في الذاكرة الجماعية, لكن سلاحنا هو الإيمان بالله و بعدالة نهجنا و باقتناع مؤسسي ومنخر طي هذه الحركة.
أقلام: تتحدث مصادر مطلعة عن كونكم عقدتم لقاءات مع الرئيس عزيز وأنكم تستعدون للانضمام لحزب للاتحاد من أجل الجمهورية. ما علاقة ذلك بوعدكم حول تقديم نهج جديد من التفاني في خدمة الوطن؟
بوسيف: لقد ا لتقينا برموز سياسية كثيرة وكان من بينها بطبيعة الحال رئيس الجمهورية الذي استقبلنا وتطرق معنا في حوار صريح، إلي مواضيع سياسية عامة كما استمع إلي عرض عن حركتنا وعن مبادئها وطموحها وتصورها للدور المنوط بها في جوي سياسي رزين وديمقراطي. في الوقت الحالي نحن حركة سياسية منفتحة علي جميع الأطراف ولا نستبعد الانضمام لمن يبدي أكثر من التفهم والقبول برؤيتنا السياسية. خلافا لأحزاب وحركات ,نتحفظ كثيرا علي نزاهتها الفكرية , فإننا لا نجد حرجا بالإشادة بايجابيات النظام ولا خوفا من تبيين أخطائه من اجل تجاوزها .
فيما يخص وعدنا بتقديم نمط جديد من التفاني في خدمة الوطن فذالك وعد قطعناه علي أنفسنا والتزمنا به أمام الشعب؛ نتفهم المشككين لكننا نعدهم بأننا ندين أولا لمبادئنا وفكرنا ونهجنا السياسي المضبوط سلفا.
لا نستبعد الانضمام لأي حزب سياسي لأن الحق المطلق لم يكن في أ ية ديمقراطية, حكرا علي المعارضة ولأن التفاني في خدمة الوطن لا يتعارض بتاتا مع مد اليد دون ذل ودون متاجرة إلي النظام.
أقلام : هل لديكم موقف جاهز من الطبقة السياسية القائمة، أم أنكم مازلتم تدرسون موقفكم منها؟
بوسيف: نحن نتحفظ علي العموم علي أراء الطبقة السياسية ونعلن رفضنا مبدئيا لبعض الخطابات السائدة كالمطالبة برحيل رئيس الجمهورية ومحاولة استنساخ الربيع العربي وبحكم هشاشة الوضع الاجتماعي والسياسي في البلد فإننا نظل حريصين علي دعم أي مشروع إصلاحي شامل يمكن البلاد من تحقيق نهضة هي في أمس الحاجة إليها مع تجنيبها هزات قد تقوض الدولة ومؤسساتها وتنسف السلم الاجتماعي كما حصل في بعض بلدان الربيع العربي. ولا نؤمن بوجود عبودية ممنهجة تمارس ضد البعض وننفي تماما وجود سياسة عنصرية معلنة هذه النقاط الأربعة تحدد موقفنا قطعا من أحزاب وحركات سياسية وأظن إن الاتفاق علي غير ذلك يظل واردا بالنسبة لنا بيننا وكل الأطراف السياسية.
أقلام: هناك مشكلة أساسية تشكل عائقا كبيرا أمام الحركات السياسية التي بدأت تتكاثر مؤخرا, وهي أن تواجد ها يظل شبه محصور في العاصمة مما يحرمها من التأثير داخل البلاد. هل تواجهون انتم أيضا هذه المشكلة؟
بوسيف: إن حركة التجديد ولدت لتوها ولكنها تتمتع بامتداد لا باس به في مناطق داخل الوطن. إننا لا ندعي تواجدا يذكر في جل المناطق الداخلية وهذا كما ذكرتم هو التحدي الذي لا يكاد حزب سياسي وطني مهما كان حجمه , ينجح في رفعه بشكل دائم . رغم كل ذلك فإننا لن ندخر جهدا في الوصول إلي أقصي المناطق ولن نستسلم للضعف المادي ولا لوطئة الظروف حتى نوصل خطابنا إلي كل مواطن.
أقلام: في الساحة اليوم يوجد الكثير من الحركات والأحزاب الشبابية، ما لذي سيميزكم عنها؟
بوسيف: أعتقد أن كثرة الحركات الشبابية ظاهرة ايجابية إذا ما تمت تنقيتها من بعض الشوائب. يجب علي القائمين علي هذه المبادرات أن يقتنعوا بان تجديد الطبقة السياسية يتم عن طريق تجديد الممارسة والمنهجية السياسية وليس بالضرورة تغير الأشخاص. في حركة التجديد نجحنا في رسم إطار سياسي جامع لا صوت فيه للمصلحة الشخصية ولا أثر فيه للقبلية والميز العرقي. كما استطعنا أن ننمي في أنفسنا ثقافة الولاء للوطن وبات بوسعنا أن نتخذ مواقفنا بصفة موضوعية من الطيف السياسي دون تحكيم مصالح أنية في توجهنا السياسي وفي كفاحنا الدائم من أجل مستقبل أفضل لوطننا .
أقلام: من هو منسق حركة التجديد: بوسيف ولد سيد احمد ولد بوسيف؟
بوسيف: هو مواطن موريتاني من مواليد 1975 في كيفه.خريج المعهد العالي للتسيير بتونس 1999. مناضل سابق في صفوف إتحاد القوي الديمقراطية وفي تكتل قوي الديمقراطية ثم عضو سابق في المكتب التنفيذي لهذا الأخير. يعتزم كباقي مؤسسي ومناضلي هذه الحركة مواصلة النضال من أجل وطن ديمقراطي مزدهر تسوده العدالة والمساواة بين أفراده ويطبعه الانسجام التام بين مكوناته وفقا للتعاليم السمحة لديننا الحنيف.
نقلا عن أقلام حرة