احتلت ولاية لعصابة الواجهة منذ أن اختارتها منظومة الأمم المتحدة خلال العقدين الماضيين ولاية نموذجية لتطبيق مقاربتها التنموية، ثم قامت الدولة بتوجيه العديد من المشاريع الكبرى لمكافحة الفقر إلى الولاية ، وتكاد نشرات الأخبار اليومية لا تخلو من نبأ يتعلق بالحركية التي تشهدها هذه الولاية حيث يتواصل الحديث عن الملتقيات والورشات والأيام المخلدة، وتتعدد أسماء البرامج والمشاريع التي تتدخل وعن المنافع الهائلة المرجوة منها.
ذلك ما رفع من شهية السكان الذين أصبحوا في حالة ترقب دائم لكل بادرة يمكن أن تساهم في التخفيف من وطأة الحرمان التي يعيشها أغلبهم.كان آخر ذلك مشاريع بالمليارات تحت وصاية وزارات الزراعة والتنمية الحيوانية والداخلية وغيرها.
ومع تقدم الأيام، لم تتجسد هذه التدخلات على أرض الواقع في عمل ملموس أو أن تلوح في الأفق بوادر الإعداد الجيد لعمل مثمر قد يكون له حظ من النجاح، أضحت ملامح المستقبل أكثر وضوحا وبدأت الآمال تخبو وفهم السكان أنه لا جديد تحت الشمس.
منذ حوالي سنتين أطلق مشروع "مدن" أعماله لصالح بلدية كيفه فعمل ما تبصره العين وتلمسه اليد: تأثيث بلدية كيفه وتوسعة فندقها ، بناء مداخل في جهات كيفه الأربع، بناء المنصة الرسمية وساحة الولاية، بالإضافة إلى مشاريع هيكلية هي تسيير النفايات الصلبة وبناء مدفن عصري لها ، وبرمجة تعبيد 20 كلم من شوارع مدينة كيفه بالإضافة إلى مشروع تأهيل لمسيله .
هذا المشروع دشن نمطا جديد من مكاشفة الرأي العام فاعتاد منسقه بوسيف ولد سيد احمد تنظيم لقاءات مع الصحافة للرد على كل ما يطرحون، ومن أجل إطلاع الجميع على المعلومات الكافية ثبت هذا المشروع بجانب المنصة الرسمية في قلب المدينة لوحة كبيرة بأعماله وما يخصص لها من مال.
صحيح أنه تأخر في بعض مشاريعه وهو يتعلل بأمور وجيهة، وصحيح أن حاجة سكان البلدية وطموحاتهم تفوق بكثير ما يقوم به غير أنه المتدخل التنموي الوحيد الذي نفذ أشغالا ملموسة وربط الصلة بالسكان فأخبر بما أنجز وبرر الاختلالات.
فأين هي بقية المشاريع الأخرى وماذا فعلت؟
مقرات مؤثثة ومكيفه وسيارات رباعية تجوب المدينة طيلة الأوقات ولوحات عريضة تملأ مدن الولاية وبواديها، والمحصلة تشهد السلطات والسكان أنها صفر.
مبالغ ضخمة يمكن أن تساهم فعلا في التخفيف من جزء من معاناة بعض السكان، لكنها انحرفت عن غرضها وتلقفتها جيوب متمرسة أعماها الجشع فتحول أصحابها إلى قطاع طرق؛ لا يجدون أي اعتراض حتى من طرف منتخبي الولاية الذين جعلوا منافعهم الخاصة وحساباتهم السياسية هدفا وحيدا لا يحضر معه في أذهانهم أدنى اهتمام بمصالح السكان.
اليوم يقدم رئيس الجمهورية ليدشن أشياء أقامها مشروع مدن ويطلق أخرى من تنفيذ نفس المشروع فلماذا لا يكون لتلك المشاريع شيء يدشنه الرئيس أو الوزير أو الوالي أو يذكره أهل الولاية؟
أين السلطات الوصية،أين أجهزة الرقابة والتفتيش بالدولة؟ وأين رقابة السكان وقواهم الحية؟
هل يأتي يوم يدرك فيه القائمون على الشأن العام حجم الشطط الذي ذهبت إليه هذه المشاريع وكيف نجت من المساءلة؟ .