تفاجأ الرأي العام الوطني بقرار شطب اسم العقيد احمدو بمب ولد بايه من لائحة الضباط المستحقين رتبة جنرال بسبب الأحداث التي شهدتها مدينة ازويرات على اثر إقدام مجموعة من عمال المياومة على إحراق مكاتب الولاية ومحطة إذاعة موريتانيا وهي سابقة في تاريخ البلد وفي تاريخ المؤسسة العسكرية الوطنية ، وهو إجراء أثار استغراب واستهجان الشارع الموريتاني ، وتداعياته وتداوله بين الناس لايزال متواصلا حتى الآن.
وهنا أود كملاحظ ا ن أساهم في قراءة أسباب وتداعيات هذا الإجراء :
أولا : مدينة ازويرات مدينة حدودية منجمية وتستوعب الآن حوالي 15000 عامل وعاطل ومهاجر سري بالإضافة إلى تجار التهريب والأجانب وهو ما يستدعي توفير العناصر والآليات الكافية واللازمة لتوفير الأمن والاستقرار الأمر الذي لم تستجب له السلطات المعنية بعد عشرات الطلبات المتكررة للوالي لتعزيز القطاعات الأمنية في الولاية بعناصر كافية حسب مصادر من داخل الولاية.
كما أن الولاية فتحت العديد من الحوارات مع العمال وقدمت طلبات العمال للجهات المعنية وطالبت بتنفيذها استجابة لتعليمات رئيس الجمهورية بتسوية أوضاعهم الأمر الذي لم يجد استجابة ولا اهتماما وظل الحراك مستمرا وتعالجه السلطات الإدارية من خلال التهدئة ومواصلة البحث عن الحلول التي تتغاضى عنها الهيئات المعنية ، وهو ما أشار إليه الوالي في أول مداخلة له في ملتقى تنمية ولاية تيرس زمور منتهزا تواجد أعضاء من الحكومة والقطاعات المعنية لإقحام الموضوع ضمن نقاش مشاكل الولاية لإيجاد حل له ولم يحظ باهتمام أيضا من طرف الحاضرين.
ثم إن العمال اعتادوا على الاستفادة من تقسيم الأرباح السنوية لشركة المناجم اسنيم منذ من خلال مرتب ثلاثة أشهر أو أربعة حسب أرباح الشركة وشهر لعمال المياومة – الجرنالية – وهو أمر متداول منذ ثلاث سنوات إلا أن المدير العام الحالي لشركة اسنيم صرف هذه المكافئات لعمال شركته وحرم منه عمال الجرنالية وهو ما أثار غضب العمال وقد طلب الوالي من شركة اسنيم احترام هذا الإجراء الذي اعتاد عليه العمال لكن مديرها العام لم يستجب لذلك .
ثانيا : إحراق مباني الولاية أمر دبر بليل ؟
انتهت الطاولة المستديرة في الولاية وأثناء إجراءات توديع الوفد الوزاري المتجه لتنظيم طاولة أخرى في مدينة أطار أمر وزير الداخلية الوالي بمرافقته إلى أطار للمشاركة معهم في الطاولة المستديرة لتنمية ولاية ادرار وهو ما فعل ، وعندما حطت الطائرة التي تقل الوفد فتح تلقى الوالي اتصالا من معاونيه يخبرونه بأمر إحراق مباني الولاية من طرف العمال فركب سيارة مباشرة عائدا إلى ازويرات وعاد وزير الداخلية والتحق بهم وزير المعادن واجروا حوارا مع العمال الغاضبين وتوصلوا معهم إلى الحلول التي ظل الوالي منذ سنتين يطالب بتحقيقها للعمال استنادا إلى تعليمات رئيس الجمهورية وأجبرت اسنيم على صرف مرتب الشهر لهم.
الوالي كتب العديد من الرسائل لتعزيز عناصر الأمن والحوار المباشر مع العمال وتحقيق المطالب التي تعهد الرئيس بها لهذه الشغيلة ولم تنفذ لهم إلا بعد أن أحرقت الولاية.
يوم الإحراق وزير الداخلية يأمر الوالي بمرافقته إلى اطار ويتجاهل الوفد الوزاري مداخلة الوالي التي أشار فيها إلى مطالب العمال وأهمية إدراجها ضمن نقاش الطاولة المستديرة ؟
مدير شركة اسنيم يمتنع عن عمد صرف مرتب شهر من أرباح شركة اسنيم التي اعتاد عليها العمال منذ ثلاث سنوات ولم يصرفها إلا بعد أن أحرقت الولاية ويرفض مطالب العمال في تسوية وضعهم ؟
تجريد الوالي من رتبة جنرال ؟
هذه سابقة في تاريخ المؤسسة العسكرية الوطنية وهو أمر وإجراء قانوني إذا ما أخذنا في الاعتبار أن اتخاذ هذا القرار يستدعي ، أولا ، أن يكون الضابط عامل في مؤسسة عسكرية والوالي في وظيفة إدارية ، ثانيا ، يجب قبل اتخاذ قرار التجريد عقد جلسة تأديب تتوفر فيها للضابط شروط الدفاع عن التهمة المنسوبة إليه ، ثالثا : إذا ما أدين بالتهمة المنسوبة إليه يخضع لحبس 60 يوما ثم يتخذ القرار.
إذن الوالي ساعة اتخاذ قرار التجرير لا يزال محسوبا على وظيفية إدارية وليست عسكرية ثم لم يعقد له جلسة تأديب للدفاع عنه هذا أيضا سؤال مطروح ضمن الأسئلة المشار إليه أعلاه وينضاف إلى ذلك أن العقيد احمد بمب ولد بايه حسب زملائه هو من خيرة وأقدم ضباط المؤسسة العسكرية ولم يستفد من الترقية إلا في آخر حياته المهنية وفي ظروف نعرفها جميعا وتداولتها وسائل الإعلام حيث اتخذ قرار الترقية ثم تم التراجع عنه ثم أعيد القرار وجاء في أدنى سلم الترقية من حيث الترتيب الزمني ؟
ومن هنا فإنني بهذه القراءة استخلص أن الأمر كان مقصودا ومحميا بشكل رسمي ومحكم ، والترقية إلى رتبة الجنرال لم تكن إرادة بل فرضت نفسها من باب الاستحقاق والإحراج للقائمين على إجراءات الترقية.
وان كان ولد بايه يتحمل مسؤولية ما حصل فان هناك مسئولين وجهات تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية ، ومن باب العدل وإقناع الرأي العام بسلامة الإجراء فانه يجب أن يطال العزل والتجريد هؤلاء الوزراء والمسئولين.
محمد ولد النينه