أنا لست من الذين يحبون الظهور ولا الحديث في وسائل الإعلام إنما أكتب من حين لآخر بعض المقالات القصيرة ارتباطا بحدث معين. والآن لم أكتب وإنما بناء على رغبتكم الكريمة أريد أن أقول لكم ما يلي:
قرارات الدولة تفرض فيها قرينة السلامة ولا يمكن لأحد أن يعترض عليها لأن مقصدها الأول والأخير هو الصالح العام والنفع العام والمشرع أقر لها ذلك بشرط احترام مبدإ المشروعية وذلك احتراسا من بعض العيوب التي قد تصيب قرارات الإدارة ،أي القرار الإنفرادي فتصبح معرضة للمقاضاة أمام القاضي وهذا فيه تصغير لشأنها لأنها هي القوة العمومية الآمرة الناهية.
ومن تلك الشوائب نذكر أولا وقبل كل شيء الانحراف في استعمال السلطة أي استخدام المصلحة العامة كي تشمل مصلحة خاصة. ثانيا: التعسف في استعمال الحق بمعنى أن للإدارة أن تقوم بكذا وكذا ولكنها بالغت في استعمال حقها وحتى وإن كان ذلك الحق سيذهب إلى خزينة الدولة كالضرائب مثلا فهذا لا يجوز.
ثالثا: الشطط في استعمال السلطة وهو تجاوز الحد المسموح به للإدارة طبقا للقانون. هذا مبدئيا وبصورة عامة أما بالنسبة للأوضاع أو ما يسمى بالتخطيط في مدينة كيفه وربما في مدن أخرى أظن أنه كان من الأولى أن يكون متروكا للسلطة الإدارية الجهوية للولاية مثلا كالوالي والحاكم ونوابهما والإدارة المنتخبة والمنتخبين بصفة عامة لأنهم أدرى ربما بواقع المساكن والساكنة وكنت أظن أيضا أن تكون مع هذا التخطيط إجراءات مصاحبة تقلل من الضرر فمثلا هناك أسر أصبحت بدون مرافق صحية وهناك أسر أصبحت بدون أحواض لتخزين المياه في فترة الحر والماء أصبح مادة نادرة وهناك أسر قطع أرضها انشطرت إلى نصفين ولم يعد طرف منها صالح للسكن.
وهناك شوارع قد لا تؤدي إلى منفعة عامة لأنها قصيرة ولا تمتد إلى الطول المطلوب أو لا ضرورة فيها لأنه يوجد ما يغني عنها من الشوارع الأخرى هذا في الإطار العام ومع ذلك فأي مواطن يحب وطنه لا يمكن أبدا أن يعترض على قرارات لفائدة الصالح العام. وقد بلغني أن الجامع العتيق بكيفه تم التأشير على بعض جدرانه وهذا مسجد قديم ولعل البعض هنا يعلم أن في مدن من مغربنا العربي قد احترم فيها جانب تراثي فمثلا حي الكصبه في الجزائر العاصمة وبه جامع كتشاوه جامع عتيق قديم لم تدخل عليه إصلاحات من أي نوع كان كذلك حي الكصبه في تونس العاصمة فهذا ترك كما هو وكذلك سوق تونس التقليدية وكذلك أسويقه في الرباط في المغرب وكذلك في مدينة فاس القديمة حيث ضريح الشيخ سيد احمد التيجاني وكذلك دمشق القديمة هذه كلها يتفادى فيها الإضرار بمساكن المواطنين لأن مواطنا جمع أوقية على أوقية أو درهما على درهم ليبني ما يحتاج إليه يعني تمام الاحتياج فتأتي الجرافات وتجرفه فيصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها.
هذا في الحقيقية كما قلت لا اعتراض على قرارات الإدارة لصالح العمة إلا أنه وكما يقول الأصوليون "الضرورة تقدر بقدرها"
الدكتور اسماعيل إياهي- وزير سابق