تجميع سريع للجهات التي طالبت حتى الآن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بالترشح لمأمورية رئاسية ثانية، يؤكد أن الانتخابات التي تنتظرها موريتانيا في شهر حزيران/ يونيو المقبل، محسومة سلفاً لصالح الرئيس الغزواني نفسه. وتنتهي مأمورية الرئيس الغزواني في آب/ أغسطس 2024، وسبق أن أكد أن «ترشحه لعهدة رئاسية جديدة متروك للأغلبية وللشعب». وقد انطلقت التحضيرات الخاصة بهذه الانتخابات، حيث عقدت اللجنة المشرفة عليها اجتماعات مع الأحزاب السياسية كما أطلقت الصفقات الخاصة بتنظيم الاستحقاق. وأعلنت مؤسسة المعارضة الديمقراطية في نواكشوط، الإثنين، عن «تنظيم مشاورات مع رؤساء أحزاب وتشكيلات سياسية عديدة (معارضة) حول موضوع الانتخابات الرئاسية المرتقبة، والتي من المقرر دستورياً أن تنظم خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث اتفق الحاضرون على مواصلة النقاش حولها»، وفقاً لبيان المؤسسة. وفي تصريحات لـ»القدس العربي»، أكد الناطق الرسمي باسم «تحالف أمل موريتانيا» المعارض النائب البرلماني محمد الأمين ولد سيدي مولود «أن أي مهتم بالشأن العام لا يمكنه أن يكابر بخصوص صعوبة التغيير خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، لعدة أسباب منها تورط الدولة كجهاز رسمي في العملية الانتخابية، واستغلال المال العام خاصة مع انتشار الفساد بشكل رهيب خلال المأمورية المنصرمة، ومنها ضعف المعارضة وتفككها واختفاء قواها التقليدية من المشهد الفاعل ومن الحصاد الانتخابي وحصرها في صور مع الرئيس، بالإضافة إلى مساع لحوارات هنا وهناك، ومن هذه الأسباب عدم قدرة الناخب عموماً على ترجمة سخطه من الواقع في التصويت العقابي ضد حاكميه خلال مأمورية كثيرة الموارد قليلة الإنجاز». وقال: «رغم كل ما سبق، فإن التغيير السلمي والقانوني بات مطلباً ملحاً أكثر من أي وقت مضى، ومظنة التغيير الجاد ستبقى محصورة في المعارضة وخاصة من وقفوا ضد الأنظمة الفاسدة طيلة العقود الماضية، وواصلوا نضالهم خلال المأمورية الأولى للرئيس الحالي والتي شملت فتنتها ركون الكثير من المعارضين إلى النظام إن لم يكن الالتحاق به وتأييده علناً».
لضمان مصداقية الاستحقاق… البحث جار عن منافس جاد للغزواني
وأضاف: «إن المعارضة تواجهها خيارات ثلاثة بخصوص الانتخابات الرئاسية المنتظر، أولها خيار المقاطعة، وهو، حسب قوله، ما يدفع له النظام بسلوكه، حيث لم يبذل إلى الآن أي جهد في سبيل الذهاب إلى انتخابات توافقية، خاصة بعد ما اقترفه في الانتخابات الماضية من تجاوزات، وعدم التزامه بما اتفق عليه في الحوار الخاص بالانتخابات، وهذا ما يجعل النظام وحده يتحمل مسؤولية عواقب أي أمور تحصل إبان هذه الانتخابات أو بعدها، وكأنه يجهل أو يتجاهل واقع البلد وهشاشته وتزايد السخط جراء الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن المطحون». «والخيار الثاني، يقول النائب سيدي مولود، هو خيار مرشح من خارج المعارضة، وهذا الخيار قد جُرّب مرات من قبلُ وقد يكون أكثر سلبية من خيار المقاطعة، بل من أي خيار، وذلك لأنه إهدار لجهود المعارضين وخطاباتهم في تلميع شخص من النظام الحالي أو من الأنظمة السابقة من الصعب وصوله إلى السلطة، ومن المستحيل استمراره في المعارضة».
وعن الخيار الثالث، أكد النائب سيدي مولود أنه خيار المرشح المعارض الموحد، مؤكداً «أن هذا الخيار إيجابي إذا هو جمع جهود المعارضة في مصب واحد»، مضيفاً «أن الخيار الرابع هو خيار تعدد المرشحين، مبرزاً «أن هذا الخيار سيظهر المعارضة كما لو كانت مشتتة متفرقة، وهو ما قد يُحدث ذلك تشويشاً في ذهن الناخب».
وقال: «تغيير البلدان والمجتمعات لا يمكن أن يحصل بجهد أفراد معدودين، بل بحركة جماهيرية كبيرة يعتبر كل فرد نفسه لبنة منها ويدرك أن غيابه أو تقصيره يعرقل اكتمال بناء التغيير المنشود»، مؤكداً «أن هذا التغيير هو المنجاة لبلدنا ولشعبنا من منزلقات عاشتها دول مشابهة في منطقتنا».
وتحدث موقع «السراج» الإخباري الموريتاني المستقل عما سماها «حالة من القلق داخل الحلقة الضيقة لنظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بسبب غياب مرشح جاد ينافس الرئيس في الانتخابات المقبلة، في ظل تقاعد أغلب قادة المعارضة، وظهور مرشحين مجهولين وغير جديين، الأمر الذي قد يضعف مصداقية العملية الانتخابية، ويقضى على الديناميكية التي تميزت بها الانتخابات طوال العقدين الماضيين».
وأشارت المصادر إلى أن «فريقاً من مستشاري الرئيس يعكف منذ فترة على سلسلة اتصالات ببعض الشخصيات في الداخل والخارج لـجس النبض» حول إمكانية الترشح»، مؤكدة «رفض أغلب من تمت مفاتحتهم للترشح، حيث أبدى الجميع عدم حماسهم لهذا التوجه».
وأشارت المصادر إلى ثقة فريق الرئيس الغزواني في فوز مريح يضمن له العبور إلى عهدة ثانية لكن يبقى الهاجس المقلق هو نسبة الفوز، وتوفر منافس مقنع حتى لا تفسد الانتخابات الهدوء السياسي التي تمكن النظام من تحقيقه».