كلنا يتذكر قصة عمر ابن الخطاب مع العجوز التي مر بها وحولها أطفال يبكون، فسألها عن سبب بكاء الأطفال؟ فأجابته بأنهم جائعون فسألها عن القدر فوق النار فأجابته بأن القدر فيه ماء فقط وانها انما توهم الأطفال بوجود طعام حتى يناموا. ورغم بقية القصة وما فيها من عدل الحاكم، إلا أن هذا الجزء من القصة هو الذي استوقفني لوجه الشبه بين أطفال العجوز وشعبنا المسكين .
في يوم كئيب من سنة 1978م وبالتحديد في العاشر من يوليو وقع أول انقلاب في الجمهورية الإسلامية الموريتانية, ليكون أول حلقة من مسلسل انقلابات طويل.كانت ذريعة الانقلابيين في تلك الفترة ,هى ان الرئيس ادخل البلاد في حرب خاسرة البلد في غنى عنها حرب الصحراء.
ولم يكتف الانقلابيون بتبرير فعلتهم ,بل انهم وعدوا الشعب بحياة الرفاهية والعيش الرغيد بعد سنوات من الحرمان ووعدوا بمحاربة الرشوة والمحسوبية,لكن الأيام كانت دائما في غير صالح الشعب الموعود بأنهار من لبن وعسل مصفى وبدأ العسكر في أكل بعضهم البعض فمنهم من أجبر على الاستقالة ومنهم من قضى نحبه ,وكان كل عسكرى يلعن الذى سبقه ويعد الشعب من جديد!وفي كل مرة يحدث فيها انقلاب يكون الشعب الخاسر الأكبر,
فمنذ مجيء العسكر والتعليم ينهار كما الصحة ودور القبيلة يزداد والمواطن يعانى,وكانوا –العسكر-في كل مرة يلجأون الى حيل تبقيهم في السلطة ,فهاهو المقدم محمد خونا ولد هيداله يعلن تطبيق الحدود كنوع من التخدير لهذا الشعب المسكين ,وانشأ هياكلا لتهذيب الجماهير ,فالجماهير تحتاج للترويض .لكن المقدم نسي ترويض وتهذيب العقيد معاوية ولد سيد أحمد الطايع الذى قاد انقلابا فى الثانى عشر من ديسمبر 1984م وتعهد بتوفير المزيد من الحريات وتوفير الحياة الكريمة لكافة المواطنين,
وبالفعل شهدت فترة العقيد الطويلة في الحكم نوعا من الحرية التى كانت ضربا من الخيال ايام المقدم,لكن هذه الحرية لم تكن في الحقيقة الا نتيجة حراك يشهده العالم, وانهيار لأنظمة كانت تعد معقل الدكتاتورية كانهيار الاتحاد السفياتى وأنظمة ارويا الشرقية المستبدة .هذا التغير دفع بالعقيد معاوية الى مسايرة الركب ,وجاء دستور 91 كواحد من اعظم دساتير العالم وسمح بالتعددية وبدا المنظر ديمقراطيا بامتياز,لكن عقلية العسكر لاتتغير وهى البقاء في السلطة.انشأ الرئيس حزبا وسلمه الدولة وما فيها ومارس على معارضيه سياسة الترهيب والترغيب ,وعرف عهده انواع الفساد والمفسدين,ولان الزمن تغير فقط اطيح به في انقلاب .
والغريب في انقلابات العسكر انهم يطيحون بالرأس ويبقى النظام ,حمل الانقلابيون الجدد ولد الطايع وزر الاولين والأخريين ووعدوا الشعب بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة ,ولان الزمن تغير فقد صدقوا هذه المرة ,وعرفت البلاد انتخابات حرة جاءت برئيس مدنى الى السلطة ,لكن مالبثت حليمة ان عادت لحالتها القديمة .
لكن المضحك المبكى ان حجة العسكر هذه المرة هو أن رئيس البلاد والقائد العام للقوات المسلحة أقال بعض قادة الجيش!
تتعاقب علينا الأنظمة العسكرية ونحن ننتظر فأين أنت يا عمر؟