لم يفتأ الغموض الذي أحاط خروج المديرة المساعدة السابقة لديوان رئيس الجمهورية؛ قبل أشهر؛ يلازم أذهان المراقبين والمحللين المهتمين بدوائر صنع القرار في قمة هرم السلطة في موريتانيا.
فكثيرون هم أولئك الذين أعياهم التحليل وأرقهم التأويل، وغاصوا في استقراء القرارات والأحداث؛ لكن أحدا لم يستوعب ملابسات ودوافع ذلك الخروج المفاجئ على أكثر من صعيد، ولم يدرك ـ حتى اليوم ـ كيف تكون الكفاءة والولاء والتفاني في أداء الواجب، والتشبع بقيم الاستقامة والنزاهة جريرة تعرض المتمسك بعراها للنبذ والإبعاد دون اعتبار!
لقد تواتر المراقبون والعارفون بدهاليز القصر الرئاسي وأروقته وسلالمه، على الإشادة بمستوى كفاءة السيدة الغالية بنت اعل سالم طيلة وجودها في الديوان الرئاسي؛ ونوهوا بانضباطها في العمل وحرصها على الدقة والنظام في أداء مهمتها كمديرة مساعدة للديوان؛ رغم ضغط العمل أحيانا وتعقيداته أطوار أخرى.
ويجمع العارفون ببنت اعل سالم على صدق ولائها للرئيس محمد ولد عبد العزيز واستماتتها في الدفاع عن توجهاته وخياراته السياسية وبرنامجه. وبذلها جهودا مكثفة، ناجحة على صعيد محيطها الاجتماعي والجهوي والمحلي جلبت من الدعم السياسي والشعبي لتلك التوجهات والبرامج التي تبنتها بصدق وإيمان.
وخلافا لما درج عليه أغلب الأطر والسياسيين في هذه البلاد من إظهار للاستياء وقلب لظهر المجن حين يقال أحدهم، حتى لأوجه لأكثر الأسباب وجاهة؛ بقيت بنت اعل سالم متشبثة بقناعاتها وعضت بالنواجذ على قيم الوفاء والصدق في المواقف، على الرغم من مرارة الشعور بغياب المكافأة والتقدير من قبل السلطة التي خدمتها قبل، وخلال، وبعد وجودها في الوظيفة! فلا الكفاءة ولا الولاء ولا النزاهة الفكرية ووعي الضمير الوطني؛ منعت الظلم والحيف عنها. غير أن الكثيرين ممن كانت المديرة العامة المساعدة لديوان رئيس الجمهورية سابقا، وراء دعمهم لبرنامج الرئيس ولد عبد العزيز وانخراطهم في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية؛ بدأوا يظهرون عدم استيعابهم لصدور موقف "غير مبرر" تجاهها من قبل السلطة؛ وإن كان بعضهم يحمل أطرافا داخل دوائر النظام، مسؤولية العمل على حرمان الرئيس من أكثر معاونيه كفاءة وأصدقهم ولاء له.
ولقد تنامت مظاهر عدم الرضى من تصرفات تلك الأطراف، في أوساط اجتماعية وسياسية فاعلة على مستوى ولاية لعصابه؛ وسط دعوات صريحة بضرورة إعادة الاعتبار لبنت اعل سالم وتصحيح اختلال المعايير الذي بدأ يتغلغل في دوائر صنع القرار المركزي في البلد.
نقلا عن ريم ميديا