قلّلت صحيفة لوفيغارو الفرنسية من أهمية علاقة الوجود الفرنسي في أفريقيا بمشاكل هذه القارة، مبرزة أن ما ينخر أفريقيا حقا هو الفساد والفقر والبطالة بين الشباب، فضلا عن العنف السياسي والاستبداد والمحسوبية.
ولفتت الصحيفة في افتتاحيتها، التي كتبها محررها فيليب جلي، إلى أن قطع الدومينو بدأت تتساقط الواحدة تلو الأخرى في وسط وغرب أفريقيا منذ 2020 لتطال مالي وتشاد وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر والغابون، فيما بات يطلق عليه أحيانا “حمى الانقلابات”.
واعتبرت الصحيفة أن من يحكمون بلدانا أفريقية منذ عقود يجب أن ترتعش فرائصهم الآن إذ إن المؤسسة العسكرية المحلية قد تستسلم لإغراء محاكاة هذه الانقلابات “الناجحة”، في ظل ما اتضح من عجز المجتمع الدولي عن التصدي لهذه الانقلابات، خصوصا عندما يهتف السكان لسقوط الأنظمة الفاسدة والاستبدادية.
واستغرب الكاتب استمرار فرنسا في البقاء على خط المواجهة في دوامة من الانتخابات المزورة والانقلابات رغم إعلان زعمائها أن ما كان يعرف بـ”فرنسا أفريقيا” قد انتهى.
وأوضح أن أمراض أفريقيا الحالية لا علاقة لها بفرنسا وما هي إلا الفساد والفقر وبطالة الشباب، فضلا عن العنف السياسي والاستبداد والمحسوبية، مشيرا إلى أن باريس لم تعد تشجع استمرار مثل هذه الممارسات منذ فترة طويلة، لكنها لا تزال تتغاضى عنها، حسب قوله.
وحذّر من أن ماضي فرنسا الاستعماري يجعل الشكوك تحوم حولها، بل ربما حتى يجعل وجودها غير مرغوب فيه، خصوصا مع تغذية الدعاية المحلية والروسية للمشاعر المعادية لها.
وهنا شددت الصحيفة على أن هذا “الواقع يتطلب منا مراجعة برامجنا في القارة”، موضحة أن الوجود الدائم للقوات، على سبيل المثال، غالبا ما يبدو مصدرا للمشاكل وليس عامل استقرار، كما أن الاتفاق مع الأنظمة الفاسدة أو غير الكفؤة باسم الاستقرار القصير الأمد والدفاع عن المصالح الاقتصادية يؤدي أيضا إلى نتائج عكسية.
وختمت بأن الوقت قد حان كي تضحي فرنسا بالقليل من الحاضر لإنقاذ المستقبل، في قارة “تمنعنا ثرواتها الطبيعية وتطورها الديمغرافي من الابتعاد عنها”، على حد تعبير الصحيفة.
المصدر : لوفيغارو