كنا ننتظر وبترقب شديد حراكا حضاريا اجتماعيا ينم عن وعي عميق واستدراك حقيقي لضرورة تغيير واقع مرير لفئة عريضة من المجتمع الموريتاني عانت ولفترة موغلة في القدم من تمادى الأنظمة المتعاقبة في البلد على سياسة الاقصاء والتهميش والتمييز العنصر ي، والتجهيل الممنهج ضدها ...
وما إن استبشرنا ببصيص من الأمل لتغير ذلك الواقع نحو الأفضل وإن كان بشكل نسبي حتى بدأت ملاحظات عن تعاطي بعض الساسة والاجتماعيين ، وكذا صناع القرار هناك أصلا إرادة سياسية ومجتمعية حقيقية لحل المشكل والسعي إلى خلق جو من الانسجام الوحدوي لبناء غد أفضل ومستقبل زاهر للأبناء القادمة....
وبعد أن انتظرنا ولفترة طويلة اليوم الذي ستأخذ فيه السلطات العامة في البلد قرارا حاسما للاعتراف بوجود ظاهرة الاسترقاق و إعطاء الضوء الأخضر لمحاربة الظاهرة ومعالجة آثارها ومخلفاتها، لم نكن نتوقع أن يثير القرار الأخير للحكومة الموريتانية القاضي بإنشاء وكالة وطنية لمحاربة مخلفات الرق استغراب البعض وتباين المواقف في الوسط السياسي والاجتماعي بحكم أن الأمر يجب أن يكون هما مشتركا لجميع مكونات الشعب الموريتاني إنصافا للمظلوم وسبيلا لإرساء عدالة اجتماعية تحقق المساواة للجميع، وتضمن الأمن والاستقرار اللذين يعدان ركيزة للسلم الأهلي و الرفاه السياسي لدولة الحق والقانون.
زد على ذلك أنه بالتزامن مع القرار الشجاع والخطوة الأخيرة لتلك الفئة العريضة من المجتمع الموريتاني المتجسدة في الإعلان عن مثياق الجقوق الاقتصادية والاجتماعي و السياسية للحراطين، لم نكن نتوقع كذلك أن يتم تجاهل هذا الميثاق وتغييبه إعلاميا ولعل الشاهد على ذلك الحضور الضعيف للمدعوين من شريحة البيظان بالإضافة إلى الغياب التام لحضور وسائل الإعلام الوطنية بما فيها الرسمية والخاصة باستثناء "قناة المرابوطون" رغم الحضور الكبير للعديد من الشخصيات الوطنية الهامة في البلد. وهذا ما يؤكد تواطأ الإخوة "البظيان" على تغييب تلك الشريحة التي تزيد على نسبة الخمسين بالمائة من المجتمع الموريتاني من المشهد العام لتبقى مهمشة ومسترقة ومقصية من تسيير أمور البلاد. لكن رغم هذا التمادي والتحامل على شريحة لحراطين لتبقى وارء الركب لا يزيدنا ذلك إلا صمودا واستمرار في السعي إلى نيل حقوقنا كاملة فستكون خطوات ما بعد الميثاق حادة وأكثر تصعيد، وجادة في سبيل الخروج بشعب لحراطين العظيم من ذلك النفق المظلم مهما كان النعت والتوصيف، فالأيام دول ومن سره ومن ساءته أزمان....!!!. فلا شك أن للإدرة الجادة أن تحقق الأمل والطموح... فبإرداتنا الحديدية سنتصر للحق بإذن الله تعالى فقد صدق الشاعر حين قال:
إذا الشعب يوما أرد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولابـــد للـيـل أن يـنجـلـــى ولابـد للقـيد أن يـنكـسـر.
.......................... فقد آن للحق أن ينصر ولقيد الظلم والاقصاء والتهميش أن ينكسر ولشعب لحراطين العظيم أن يتنفس الحرية على قول الشاعر الموريتاني:
في الجماهير تكمن المعجزات ومن الظلم تولد الـــحريات
كفى ظلما ... كفى تهميشا.. كفى إقصاءا... لنتنفس الحرية