أصبحوا 16 جنرالا في ظرف قياسي، أولهم تقاعد قبل طفرة رتب موريتانيا الجديدة، وثانيهم أصبح مانح الجنرالية يمنحها على هواه، والباقون أجبرتهم الرتبة الرمزية على تقاعد وظيفي مبكر...
فهم رغم استمرارهم "في الخدمة" لا ينجزون أي شيء، لقد تحولوا إلى مجرد كومبارس يرتدي ملابس مزركشة في المناسبات الاستعراضية ولا علاقة لهم بالشأن العسكري، حتى أولئك الذين تسند لهم ظاهريا مناصب عسكرية لا وظائف لهم في جوهر الأمر، فالفريق قائد الاركان المشتركة مهمته هي البقاء على صلة مشخصنة بكبير الجنرالات ولا شغل له بالميدان، يسمح له بالانهماك في صرف صناديقه السوداء وفي التفرغ لأشيائه الخاصة.. يكفيه شرفا انه نديم السلطان ومدفن أسراره... الباقون يلجون مكاتبهم في حدود العاشرة صباحا بعد غفوات أحلام وهواجس وكوابيس... هذا يصفي الإشاعات الكثيرة الواردة ويعيدها على مسامع "الكبير" الذي يكون قد سمعها مسبقا، وذاك يعد تقريرا تافها مترهلا عن شطحات سائقي المنكب البرزخي في مساءات نواكشوط المجنونة، وثالث يحاول إقناع "الكبير" بضرورة بناء جدار اسمنتي لحراسة الحرس، وآخر يتحين الفرص ليبلغ عن تذمر مجموعة الشرطة التي ألغيت رحلتها إلى دارفور بعد مسابقات وتدريب ووعود مغرية بالعمل هناك.. وجنرال آخر من المؤلفة قلوبهم يحين لوائح نزلاء المصحة العسكرية ليقدمها "للكبير" هو الآخر ولمن دونه، وهنالك جنرالات لا يتظاهرون بإنجاز أي شيء فهم حازوا الرتبة لسلاطة ألسنتهم ودعاياتهم الجهوية والقبلية، وهذه باقية ما بقي الجهل والتخلف... لإنجاز هذه المهام "النبيلة" وللذود عن ثغور وطن مترنح ضائع يتموقع الجنرالات تموقع تجارة ومقايضة نفوذ، ومنهم من ينغمس في ملذات الانحراف ويفوج كتائب المتشعوذين في ام معارك تنتهي باصطياد مومس تافه.
هنالك امور تجمع الجنرالات هي حب المال، والفراغ والقطيعة التامة مع كل ما هو عسكري وميداني.
فأيكم قرأ كتابا أو دراسة عسكرية أو استراتيجية أعدها جهابذة جنرالاتنا الأشاوس؟ وايكم حالفه الحظ في الاطلاع على بطولة أو عمل وطني أنجزه أحدهم دفاعا عن حوزة الوطن؟ وايكم سمع عن رغبة أحدهم في النزول إلى الميدان أو الإقامة بين الجنود؟ أيكم سمع شيئا عن ثقافتهم الديمقراطية وعن تحفظهم عن الممارسات السياسية الشعبوية الزبونية؟
قد تسمعون أنهم انقلبوا على أنظمة منتخبة لمجرد انهاء مهامهم، وقد تسمعون أنهم وراء صفقات مشبوهة، وقد تسمعون أنهم انهمكوا في مقايضات نفوذ نفعية، وقد تسمعون أنهم سعوا لقطبية تفريقية في الشأن المحلي في قراهم ومجموعاتهم القبلية الصغيرة التي لا يتذكرونها إلا لمثل تلك الاشياء... ومن سمع منكم شيئا آخر يصنف في كفة الخير والأداء العسكري الوطني المميز فليوصله إلى أقرب مفوضية للشرطة وأقرب مخفر للجيش وليبثه في اقرب وسيلة إعلام وأجره على الله الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا.
التهامي ولد امحيمدات للرأي المستنير