هل هناك ما يبرر هذا الترحال الحكومي من ولاية إلى أخرى؟ هل في نتائج مجلسي وزراء روصو والنعمة (أو ما يعرف ببيان المجلس) ما يبرر تغيير برنامج رئيس الجمهورية وتوريطه في استقبالات واجتماعات مكررة وعديمة المردودية؟ أو حتى ما يسوغ كسر روتين معالي الوزير الأول في كره وفره ما بين مقر الإقامة والمكتب؟
بيان لوزير الزراعة هناك وآخر لوزير البيطرة هنا! تعهدات سبقتها أخرى تحافظ على نفس مستوى العمومية وعدم القابلية للقياس، تصريحات منمقة لم تعد تثير حتى اهتمام من يصرح بها، لقاءات انتقائية منزوعة الدسم واجتماعات تستنسخ تجارب لم تنتج غير الفشل وإعادة إنتاج الفشل.
بالتأكيد ستتسابق قطاعات تمتهن الرياء، إلى إحضار آليات هنا وإثارة غبار هناك، شركات الاتصال مثلا قد تعزز مؤقتا من قوة شبكاتها، وزارة الصحة قد تستعرض سيارات إسعاف هنا أو هناك أو أكياس أدوية في صيدليات كانت فارغة، واجهات بعض الأبنية قد تستفيد من زخات صباغة...
بالتأكيد أيضا، ولعله مربط الفرس، ستحشر القبائل خيلها ورجلها ويوزع الوجهاء ابتساماتهم السادية يمينا وشمالا، كما سيجد كبار التجار والموظفين والطبالين والطامعين بالترقيات والامتيازات، الفرصة لإظهار ولو جزء يسير من مواهبهم في التزلف والابتذال.
وبكل تأكيد سيظل المواطن المهمش والبائس، الغائب الأكبر على موائد المجلس الحكومي، بالرغم من أن حل مشاكله وتقريب الادارة منه يظل الهدف المعلن للأسطوانة المشروخة، التي لطالما استخدمت بكثير من السادية في وجه شعب مبتلى بنخبه ومرتهن لدى شبكات مصرة على اللعب بالنار في بيئة تزداد جفافا يوما بعد يوم.
كم يكلف هذا الترحال خزينة الدولة؟ كم يضيع من وقت الموظفين العموميين؟ كم يستنزف من ممتلكات موظفي وتجار ووجهاء الولاية المزورة، وبالتالي من ممتلكات الدولة؟ كم يسيء إلى قيم الجمهورية بتشجيعه للمارسات البغيضة والخطرة والمتخلفة؟
كل ذلك لا يهم بالتأكيد ما دام الترحال الحكومي، يتيح فرصة "اختطاف" حملة انتخابية سابقة لأوانها لصالح حزب لا يكف عن الالتحام بالدولة والتماهي معها، وإن كان لا يخجل من ترديد أن الانتخابات التي يفوز بها قبل تنظيمها، هي على الدوام انتخابات توافقية وشفافة ونزيهة وتتساوى فيها فرص جميع المتنافسين!
الشيخ ولد احمد المدير الناشر لوكالة كيفه للأنباء