مرة أخرى يتطلع سكان مدينة كيفة إلى حضور مسرحية جديدة من مسرحيات الحزب الحاكم، أو إن شئت فقل إن وفد الحزب الحاكم يتطلع لحضور مسرحية ينظمها أطر ووجهاء مدينة كيفة.. قبيل الإعلان عن أسماء مرشحي الحزب لاستحقاقات ٢٠٢٣
بعد اقتراب اكتمال عهدة كانت هزيلة النتائج.
ومع إعلان الحزب الحاكم (حزب الإنصاف) لزيارة وفده "المَرّاس" للمدينة تنادى القوم "المناضلون" من كل حدب وصوب شيبا وشبابا، رجالا و نساء مثلما يفعلون في كل مناسبة، وانطلقوا مسرعين إلى المدينة الشاحبة الواقعة على هامش الأحداث بفعل سياساتهم الفاشلة، لكنها ستستقبلهم بعطف وحنان كما تفعل الأم تماما ببنيها حتى وإن خانوا العهود، وكانوا لها من العاقين.
سيصل وفد حزب الإنصاف إلى مدينة كيفة .. ثاني أكبر مدن البلاد وأكثرها حاجة إلى البناء والإعمار .. إلى التخطيط والتنظيم .. إلى الطرق والمدارس والمستشفيات .. إلى الماء والكهرباء .. إلى تنمية شاملة تأخذ في الحسبان المقدرات الاقتصادية للمنطقة من ثروة حيوانية ومراعي وواحات وأراضي صالحة للزراعة.
سيصل هذا الوفد وربما استقبلته أنات شعب مسكين عند مدخل المدينة الغربي بوخز الضمير، وأشعرته نظرات شاردة لفتية بائسين عند ملتقى الطرق في قلب المدينة بتأنيب الضمير، وودعته المباني المهجورة قرب البوابة الشرقية بشيء من الندم والأسى ..!
سيصل هذا الوفد وسيجتمع “بمناضليه” وسيحدثهم بكل ثقة عن الإنجازات؛ الافتراضي منها والمسموع خلال ثلاث سنين خلت ..!
وعن الطفرة الاقتصادية التي يشهدها البلد ..!!
وعن السلم الأهلي والانفتاح على المعارضة؛ وتلك اسطوانة دأب كل موفد من هنالك على ترديدها منذ الاستقلال إلى اليوم؛ حيث يرسم لوحة وردية لوطن يتذيل قائمة الدول النامية …
إن سكان مدينة كيفة لا يهمهم التشاور ولا الانفتاح، ولا حتى الإنجاز ما لم يكن في الحقيقة يوفر الماء الصالح للشرب والطاقة الكهربائية، ويوفر فرص عمل تستقطب أبناء المدينة العاطلين عن العمل، المشردين في وطنهم، والمهاجرين (المهجرين) قسرا في سبيل البحث عن أسباب الحياة.
إنهم يتطلعون إلى نظام صحي عصري يعفيهم مشقة الاستشفاء خارج المدينة .. وإلى تعليم جيد يعد مواطنا صالحا، وإلى مدينة مخططة .. إلى ملاعب وشوارع وساحات.. إلى بيئة نظيفة .. إلى حماية الوسط الطبيعي من العابثين به من الفحامين و القناصين الذين سيحولون الغابات في بضع سنين إلى صحاري جرداء يعز فيها النبات والثبات.
يزور وفد الحزب الحاكم الذي يتخذ من الجماعات التقليدية سندا وذخرا -يزور- المدينة ليتطلع على نسبة الولاء بين مناضليه (ناخبيه الكبار) لا إلى أحلام منتسبيه (ناخبيه الصغار) وفي ذلك يحيي القبلية ويهيج مشاعر الناس من أبناء الفقراء في اصطفافات لن تفيدهم في شيء.
وكأنه قد استوحى أو ورث المبدأين الاستعماريين “فرق تسد” حين يعمد إلى تمزيق المجموعات من خلال الشحن القبلي و “اجمع واحكم” حين تجد كل قبيلة نفسها وقد أرغمها الطمع في المكسب والمنصب، وأجبرها الخوف من الإذلال والتهميش إلى إعداد “حصرة” يتباهى منظموها بالعدد و ببلاغة أو “بولغة” خطاب الولاء وهي تدفع بفرسانها إلى المناصب الانتخابية دون مراعاة لمعايير الكفاءة والنزاهة والأهلية ...
و سيتحدث وفد الحزب الحاكم ولسان حاله يقول:
إن تنامي الخطاب الفئوي والشرائحي والقبلي من مظاهر الديمقراطية الحقة..!
وإن الكرامة تهون وقت المغانم..!
وإن حرية الرأي شذوذ في المجتمعات التقليدية..!
وإن المعارضة جريمة تستوجب التعزير والتكفير ..!
وإن الاستقامة ضعف وهوان ..!
وإن ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية ..!
وإن التنمية تتحقق بالأمنيات ..!
وإن قيمة القطيع تكمن في الانسياق خلف الراعي..!
وإن مكر الذئب (السياسي) حكمة ودهاء ..!
إنهم يجتمعون -فقط- يقولون ويتقولون ويصفقون ثم يغادرون المدينة مثلما دخلوها لأول مرة.
الحسن ولد محمد الشيخ ولد خيمت النص