في الوقت الذي تشق فيه مبادرة الزعيم مسعود طريقها إلي الأطراف بخطي مدروسة وإيجابية نسبيا ،يسود جو من الترقب لما ستكشف عنه الأيام القادمة من إثباتات جديدة في ملفات خطيرة تبدأ بالرصاص المصبوب علي الرئيس ولا تنتهي بتزوير العملات ورعاية الإتجار بالمخدرات ، فهل من شيء يربط بين الإثنين ؟ أم أنه الزمان والمكان والموقع هو كل ما يربط بين المبادرة والإتهام؟ جاء في مدخل مبادرة الزعيم مسعود ولد بولخير ما نصه(إن ادعاء أو اعتبار أن الدولة لا تعيش وضعية اضطراب متنام أو أزمة يتطلبان –وبسرعة- علاجا فعالا وخاصا.إن ذلك الادعاء مغامرة ولبس يجب تحاشيهما لكونهما مفضيين إلى الفوضى ومبعدين عن الخير بالنظر إلى الواقع الهيكلي والظرفي الذي لم يعد قابلا للنكران) جاء هذا النص في المبادرة قبل أن يطلق الرصاص الحي علي رئيس الجمهورية في تصرف فريد من نوعيه وغريب علي تاريخ رؤساء هذا البلد وتبرير الحادث (إن صح أنه كذلك) لم ينزع الشكوك التي حامت حوله والشائعات التي استندت إلي حكايات مقربين وعارفين بالأسرة وزبانية ومتربصين (طبعا) تحدثت بصراحة عن أمور تتعلق الأخلاق والعلاقات الخاصة والمغامرات الهوليودية وهلم جر ثم طالعتنا بعد ذلك صحيفة مالية بمقابلة تحدث فيها عميل مالي كان يعمل لدي المخابرات الموريتانية وقد كلفه الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز (عندما كان قائدا للحرس الخاص ) بنقل رسالة إلي شخص عراقي في بلد إفريقي اشتهر بتجارة المخدرات ويوجد قائد قواته البحرية في ذلك البلد الآن رهن الإعتقال في الولايات المتحدة الأمريكية بتهمة الإتجار بالمخدرات وتزوير العملات . تلك المقابلة جاءت معززة لإتهام النائب في البرلمان الفرنسي عن حزب الخضر (مامير) للرئيس الموريتاني برعاية تجارة المخدرات وقد قيل بعدها إن مقربين من ولد عبد العزيز رفعوا قضية ضد النائب الذي لايزال يؤكد (في آخر حديث له) ولا ينفي ما قاله في السابق ( إنه علم بأن كلامه سبب مشاكل مجتمعية داخلية في موريتانيا ..لذلك.! .يريد..). وتوالت الأخبار والتحليلات والقراءات ولم يصدر نفي قاطع أو موقف واضح من حكومة الرئيس أو بطانته أو هو نفسه ( فقد عودنا منذ 6/6 علي خرجات إعلامية مدوية وصاخبة )
مؤخرا ظهر "الشريط اللغز" (ليس في مضمونه الواضح ولكن في من سربه للإعلام؟) مضمون الشريط يكشف عن محادثة عادية بين ولد عبد العزيز(كما يتضح من نبرات صوته قبل الرصاص) وبين شخص يتحدث اللهجة العراقية ، وعلي الفور تداعت إلي الأفكار مقابلة العميل المالي والرسالة التي حمله بها ولد عبد العزيز إلي شخص عراقي في آكرا. ولم يخفي الشريط أن كمبابا كانت تقوم بدور مهم وحساس ولا تزال الأخبار تصل عن أشرطة أخري يمكن أن تكون لجنة التحقيق التي شكلتها منسقية المعارضة الديمقراطية (ويرأسها عميد النواب الأستاذ محمد المصطفي ولد بدر الدين ) بصدد تقديم المزيد من الإيضاحات حول هذه الملفات وهو تحقيق هام ولا شك وقد يؤدي بنا إلي إعادة إنتاج مبادرة لا يكون ولد عبد العزيز طرفا فيها وهذا هو ما جعل المعارضة تؤكد أن الرجل أصبح خارج السياق الأخلاقي والسياسي والوطني من خلا ل تصرفاته وفق الملفات المعروضة أمام تحقيق اللجنة . ومع ذلك لا بد من الوقوف عند موقف الموالاة المرتبك من المبادرة فهي نفسها أي الموالاة تعاني مشاكل من الداخل كما جاء في نص مباردة الزعيم مسعود(العلاقات غير الطبيعية هي التي تربط رئيس الجمهورية مع حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وأحزاب الأغلبية الرئاسية الأخرى؛ فهذه الأحزاب تشتكي من انعدام الثقة وأنها لا تحظى إلا بالجزء القليل من سلطة سياسية يفترض أنها شريك فيها مع رئيس الدولة، لأنه لم يكن بمقدور أصحابها أن يحظوا بالإشعار أو الاستشارة أو -من باب أحرى- المشاركة في اتخاذ القرار.) هذا النص يعفينا من شرح أسباب التردد والتلعثم عند ما يتحدث الحزب "الحاكم" و"الذين معه" عن المبادرة ولكننا سننشغل بالتأمل في لقاءات الزعيم مع الرئيس والتي سبقت إعادة طرح المبادرة بعد الحوادث المتلاحقة (الرصاص ومامير والعملاء والأشرطة) ليس خافيا أن الزعيم مسعود عاطفي بطبعه وقد أبان عن شيء من ذلك في مواقف كثيرة آخرها دخول الرئيس إلي المستشفي العسكري الفرنسي وما شاع عن وفاته هناك وكان تعاطفه مع الرئيس قويا ، لكننا نعرف أيضا أن الرجل يحترم الشعب ويقدر مسؤولياته اتجاهه ، وقد جاء تشخيصه لأوضاع البلاد معبرا عن بعد نظره وقوة مواقفه وحرصه علي المصداقية . قد يكون للزعيم مسعود رأي مخالف في مستوي الأدلة ضد الرئيس ولذلك فالمبادرة قدمت في وقت لم تكن فيه هذه التوهم معروفة (علي الأقل لدي العامة ) لكنه بمجرد أن تتأكد التهم وتتواتر المصادر سيكون الزعيم مسعود أول من يخلي عنها وعندها لا يكون للمبادرة من معني سوي ما قد يعلق عليها ولد عبد العزيز من أمل في إنجاحها رغم ما يتستر به بعض التابعين له من أنه يرفضها . لا يراودني أدني شك في أن مبادرة الزعيم مسعود نالت التأييد والقبول من ولد عبد العزيز بعد عودته من رحلة العلاج الأولي ، وإعادة تسويقها من جديد بعد تعثرها الأول نتيجة رفض الرئيس المعلن لها، يدل علي أن نقاشا جادا قد جري بالفعل بين الرئيس والزعيم