كان الاستقبال عند سد لكراير ضخما للغاية؛ حيث تنافس المستفيدون من نظام غزواني من أطر ومنتخبين ورجال أعمال وزعامات قبلية في حشد قبائلهم من كل أرجاء المقاطعة لعين المكان، واتسع ذلك "الكرنفال" بتدفق الأحلاف السياسية الجهوية داخل ولاية الحوض الغربي ثم أقبلت وفود كبيرة من ولايتي الحوض الشرقي ولعصابه.
سكان منطقة "أفله" الفقراء عقدوا آمالا كبيرة على الزيارة لما زينه إياهم الوسطاء السياسيين المذكورين سلفا فهبوا من كافة القرى. ومع أن جانب الوادي في "لكراير" قد شهد تجمع الآلاف في مكان واحد فإن الحماس ظل غائبا ولم يسمع من التصفيق حين تحدث الرئيس غير فرقعات متفرقة من على المنصة.
خلال ثلاث ساعات أسدل الستار على الزيارة بكلمة الرئيس وانصراف الموكب. فماذا بقي لأهالي "لكراير"؟
حين غادر الرئيس بدأت الجهات التي كانت تعرض عينات من المعدات والآلات الزراعية في حمل تلك الأشياء وماهي إلا لحظات حتى علم المزارعون أن هذه المعروضات ليست لهم وإنما كانت للعرض أمام الرئيس ولن يسبقها لانواكشوط!
على حافة هذا الوادي الجميل، وذلك الأديم البكر خلفت هذه الزيارة أطنان القمامة وتناثرت القاذورات وفضلات المجزرة الحيوانية في كل مكان ؛وهو ما خلق مشكلة للأهالي فصاروا يتندرون بهذا المشهد الفظيع.
الساحات الصالحة للزراعة بهذه السد هُجِرت منذ عدة سنوات فاحتلتها الأشجار وبات السد غابة؛ وهو الأمر الذي لم تتخذ فيه تدابير لا قبل الزيارة ولا بعدها حتى اليوم وذلك ما يعني أنه لا توجد ساحة للزراعة.
كذلك تفجر الكثير من الخلافات والصراعات بين الفاعلين فكان لكل منهم خيامه وذبائحه وصحونه وكاسات شايه؛ وله حدود يحميها ويَهْدِرُ دونها في ساحة الاستقبال!
كل يريد سحق رفيقه في الحزب لئلا يكون له حضور أو دور أو نشاط؛ وفي ذلك يسلك كل السبل ويستغل كل الوسائل. استنفار قبلي صاخب وعودة لأساليب البذخ مثلت استفزازا كبيرا لجياع منطقة أفله في سنوات الرمادة هذه.
أكتشف سكان "لكراير" في اليوم الموالي أنهم خسروا، وأن الزيارة لم تضف جديدا لحياتهم فهبوا يستفسرون؛ وهناك تعهد حاكم مقاطعة تامشكط بتلبية المطالب، وقال إن كل الحلول في الطريق.
هؤلاء يريدون أشياء ملموسة تساعدهم على الحياة فخلال 62 سنة من الاستقلال ظلوا يتلقون الوعود فكانت جميعها مخلوفة، فصاروا لا يثقون في غير ما صار واقعا.
بقي لسكان "لكراير" عقب هذه الزيارة جو مشحون بصراعات "الكبار" ثم قمامة ودم مسفوح !