دعا اتحاد قوى التقدم إلى إلى بناء الديمقراطية التعددية على أساس اتفاق دكار باعتباره الإطار الوحيد الذي يكفل قيام حوار شامل وجدي يفضي إلى انتقال سياسي جديد مبني على إجماع وطني حقيقي، وفق إعلان صادر الثلاثاء عن الحزب الذي يترأسه المعارض محمد ولد مولود إلى جانب النائب المصطفى ولد بدر الدين. وقد لوح الحزب ضمنيا في إعلانه الذي تلقت وكالة صحفي نسخة منه بخطوات تصعيدية على غرار الثورات العربية بقوله " أن يكون شعبنا بكامله مستعدا للمضي قدما والتعبئة - على غرار الشعوب الشقيقة الأخرى خصوصا في العالم العربي - من أجل صنع مصيره وفرض إرادته"
دعا اتحاد قوى التقدم إلى إلى بناء الديمقراطية التعددية على أساس اتفاق دكار باعتباره الإطار الوحيد الذي يكفل قيام حوار شامل وجدي يفضي إلى انتقال سياسي جديد مبني على إجماع وطني حقيقي، وفق إعلان صادر الثلاثاء عن الحزب الذي يترأسه المعارض محمد ولد مولود إلى جانب النائب المصطفى ولد بدر الدين. وقد لوح الحزب ضمنيا في إعلانه الذي تلقت وكالة صحفي نسخة منه بخطوات تصعيدية على غرار الثورات العربية بقوله " أن يكون شعبنا بكامله مستعدا للمضي قدما والتعبئة - على غرار الشعوب الشقيقة الأخرى خصوصا في العالم العربي - من أجل صنع مصيره وفرض إرادته"
إعــــــــــــــــــــــــــلان
في سياق الأزمة الاقتصادية والمالية الحادة التي تنذر بمخاطر كبيرة على السلم والأمن الدوليين، وبينما تجتاح العالم العربي الإسلامي اضطرابات عميقة ( جسدها سقوط النظام الحاكم في كل من تونس ومصر وليبيا ) وتنبئ بتطورات يصعب التحكم فيها من أغلب الأنظمة القائمة وحلفائها الأجانب، فإن غيوما قاتمة لا تزال تتراكم في السماء الموريتانية. ولا أدل على ذلك من المظاهرات الغاضبة والمتكررة من جميع فئات الشعب في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية مع استمرار عوامل عدم الاستقرار رغم تلفيقات وادعاءات النظام الحاكم : إضرابات العمال، مسيرات واحتجاجات العديد من فعاليات المجتمع، الاعتصامات وإحياء مناسبات مختلفة...إلخ، غالبا ما يواكبها قمع عنيف من قوات الأمن المرتبكة أمام حجم تلك الأحداث. وأمام خطورة الوضع الذي تعيشه البلاد فقد ارتأت اللجنة التنفيذية لاتحاد قوى التقدم الملتئمة في دورة خاصة خلال شهري نوفمبر وأكتوبر 2011، تحيين تقييمها للوضع الوطني والإقليمي والدولي فخلصت إلى جملة من الملاحظات والتوصيات هي موضع هذا لإعلان من الرئاسة.
1الوضع الدولي
يتميز بأزمة مالية غير مسبوقة تؤثر على النظام الرأسمالي بكامله وتفرض في أشكال مختلفة ومتعددة، توجها عاما في اتجاه ركود وانحسار اقتصاديات أكبر الدول الغربية ( الولايات المتحدة الأمريكية ، دول الاتحاد الأوربي ... إلخ ) والدول التابعة لها. نفس الأزمة تحفز على العكس من ذلك ، بروز بعض القوى الصاعدة (دول البركس، تركيا... إلخ ) كما تكرس تدريجيا إعادة توزيع لمصادر القوة والثروة في العالم، ويعد التعنت المستميت للقوى الغربية على رفض الواقع الجديد وإصرارها على إبقاء الموازين القائمة من بين أبرز مصادر الأزمات الدولية واستفحال النزاعات الدولية ولإقليمية. كما يعتبر العامل الرئيس في استفحال الأزمة الاقتصادية العالمية وفي الميول المتنامية إلى الحماية والمقاربات العسكرية وإلى التدخل ذي الطابع الامبريالي ، كما يدفع إلى القومية المتعصبة وإلى الحرب ويثير هنا وهناك استياء ورفض الشعوب في مختلف القارات خصوصا الشعوب الغربية. وستكون لتلك الوضعية لا محالة انعكاسات خطيرة على بلادنا بحكم انفتاح اقتصادنا الوطني وتبعيتنا المطلقة للخارج.
2 الوضع الإقليمي وشبه الإقليمي
تجتاح العالم العربي الإسلامي منذ أزيد من سنة حركة واسعة في اتجاه نبذ الأنظمة السياسية القائمة مع رفع مطالب اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة منذ عقود بل منذ سقوط نظام الاستعمار. وقد شكل المغرب العربي محور هذا الحراك الشعبي الجارف الذي يستهدف أركان الاستبداد الطائفي والذي كانت مظاهره المختلفة عفوية إلى حد كبير حيث دار " الربيع العربي " تحت شعار ترسيخ الديمقراطية وطبقا لإرادة صريحة في إقامة أنظمة سياسية تنسجم والخصوصيات الوطنية للبلدان المعنية بالرغم من المحاولات اليائسة من بعض القوى الأجنبية أو الداخلية لإجهاض الثورة أو الالتفاف عليها. وقد بدأت بالفعل تلوح في الأفق مخاطر انتعاش المجموعات الإرهابية المناوئة للغرب نتيجة سقوط نظام العقيد القذافي بمساعدة مباشرة من القوى الغربية الكبرى، كما يشير إلى ذلك كافة المراقبين في حين تنهمك بلادنا في طليعة الحرب "ضد الإرهاب" التي يخوضها النظام بشكل غير مدروس حتى خارج حدودنا ( مالي ) . وبشكل عام فإن عدم الاستقرار السائد في شمال القارة وفي الشريط الساحلي الصحراوي يأتي في سياق يطبعه من حين لآخر تدهور أو على الأقل اضطرابات في العلاقات مع أغلب جيراننا ( السنغال ، مالي ، المغرب ) مما يعزز الشعور بالعزلة الدبلوماسية التي تعيشها بلادنا كما جسد ذلك إخفاقنا مؤخرا في الحصول على مقعد في مجلس الأمن لصالح المغرب والتوغو.
3 - الوضع الوطني
3- 1 . الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
تعيش بلادنا أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة تتجسد في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والعلاجات الطبية والنقل وتكاليف التعليم والسكن، خصوصا بالنسبة للشرائح الأكثر فقرا في المدن والقرى، إضافة إلى البطالة وتسيير ظاهرة الكزرة بشكل ارتجالي وعنيف في محاولة من السلطة الحالية صرف اهتمام المواطنين عن مشاكلهم الحقيقية . لقد ابتكر رئيس الدولة مشاريع قوانين، تهدف إلى تجريد البرلمان من حقه في مراقبة تسيير الموارد الطبيعية الوطنية من طرف السلطة التنفيذية. ويتعلق الأمر بمحاولة لتشريع الاستحواذ على كامل ثروات البلاد من لدن أقلية انفردت بالنظام السياسي والاقتصادي والأمني للبلد. لقد باتت المناجم وخصوصا الذهب والموارد المائية والأراضي وكافة مرافق الدولة تسير كممتلكات خصوصية وتوزع على أساس مبدإ الاحتكار وتجاهل اختصاصات الإدارة العمومية التي حكم على وكلائها بالخمول والإهانة بدعوى "مكافحة الفساد" ،فلم تشهد الإدارة الموريتانية في السابق هذا المستوى من الانهيار الذي تتخبط فيه اليوم: فبما أن رئيس الدولة يسير شؤون البلد بشكل انفرادي واستبدادي فقد همش أهم المسؤولين في مختلف القطاعات، وحكم على أغلبية أطر البلد بالاستقالة أو الاستسلام والخمول حيث بات من النادر أن يرغب الأطر النزيهون في تولي المسؤوليات، إذ بمجرد أن يستنكر أحدهم أو بالأحرى يحاول التصدي للفساد أو الظلم يصبح تلقائيا هدفا لرئيس الدولة الذي لا يتردد في اتهامه بالتواطؤ مع المعارضة ومن ثم معاقبته؛ وتعاني موريتانيا ومنطقة الساحل عموما عجزا حادا في الأمطار وتوزيعا سيئا لها من حيث الزمان والمكان، وتحمل السنتان الجارية والمقبلة بوادر أزمة غذائية بل مجاعة خصوصا بالنسبة للفئات الأكثر فقرا والفئات المتوسطة في المدن والقرى. إن الثروة الحيوانية مهددة اليوم بالانقراض والمنمون متروكون وشأنهم من طرف إدارة ليست عاجزة عن توقع الأزمات والتعامل معها فحسب، بل إنها كذلك صماء عن نداءات الاستغاثة والتعبئة المتكررة والصادرة عن فعاليات سياسية واجتماعية متعددة وهيئات دولية متخصصة تطالب بمواجهة العجز الخطير في الأمطار الذي يضرب شبه المنطقة وخصوصا بلادنا. ويشهد الريف الموريتاني هنا وهناك نزاعات واضطرابات ذات صلة بالقضايا العقارية، فقد تواردت علينا أنباء من عدة قرى وبلدات في المناطق الجنوبية، ك (دار البركة وامبان وباركيول) تفيد بتعرض السكان المحليين لاستلاب أراضيهم مما ينذر بانتفاضات وقلاقل متوقعة. لقد أثرت السلطة الحاكمة سلبا على الوحدة الوطنية بالممارسات غير المسئولة والتصريحات الاستفزازية مما ولد استياء كبيرا لدى الفئات الأكثر هشاشة خصوصا الحراطين والزنوج الأفارقة. فعملية إحصاء السكان لا تزال تشوبها – رغم بعض التحسينات الطفيفة هنا وهناك- نفس الممارسات التمييزية والاستفزازية التي طبعت انطلاق تنفيذها، مما يغذي حتى الآن مخاوف من استبعاد المجموعات الزنجية وهو ما يؤكد مجددا الضرورة الملحة لاتفاق الموريتانيين من خلال إجماع حقيقي على حالة مدنية شفافة ومنصفة بعيدا عن أي قمع همجي أو مساس بالحقوق والحريات التي يكفلها الدستور والقوانين المعمول بها عكسا لما تمارسه السلطة في حق المتظاهرين السلميين ونشطاء حقوق الإنسان. على عموم التراب الوطني.
2-3. الأزمة السياسية والمؤسسية
أمام عجزه المادي عن تنظيم الانتخابات البرلمانية والبلدية التي انتهت مأموريتها منذ بداية شهر سبتمبر المنصرم وفي ظل المخاوف السياسية الناجمة عن تسييره لشؤون البلد وما يواجهه من انتقادات حتى في صفوف الموالاة، قرر النظام الحاكم من جانب واحد تأجيل تلك الاستحقاقات مما أدخل البلاد في أزمة قانونية ومؤسسية غير مسبوقة. ومن أجل إخفاء الدوافع الحقيقية لذلك التأجيل تذرع النظام بضرورة الدخول في "حوار" مع المعارضة وخلق مناخ أمثل للانتخابات. إلا أنه في الوقت الذي بدأت تتضح فيه ملامح ذلك الحوار من خلال مناقشة المقترحات الواردة في خارطتي الطريق الصادرتين عن كل من الأغلبية الرئاسية ومنسقية المعارضة الديمقراطية، عمد النظام بشكل مفاجئ وانفرادي إلى قطع الاتصالات وانتقاء شركائه في "الحوار" الذي أفرغه من أي محتوى جدي. وكان هدف النظام من ذلك النكوص هو شق صفوف المعارضة من جهة، ومن جهة أخرى تأجيل الانتخابات طبقا لرغباته وحساباته الخاصة وليس من أجل الاستجابة لطلب مقدم من طرف ثلاثة أحزاب من المعارضة من أصل اثني عشر حزبا منضوية تحت لواء منسقية المعارضة الديمقراطية. هكذا ولأول مرة تم تأجيل مختلف الاستحقاقات عن مواعيدها القانونية في انتهاك صارخ للدستور والقوانين المعمول بها بدون أي مبرر عدا الرغبة الشخصية لولد عبد العزيز الذي تعمد تدمير الحالة المدنية وجعل اللوائح الانتخابية غير صالحة، فأقصى تلقائيا عشرات الآلاف من الموريتانيين عن أي مشاركة سياسية نتيجة عدم توفرهم على بطاقات تعريف وطنية صالحة، وقضى بذلك على أي أمل في أن تشهد البلاد انتخابات شفافة وحرة . وهكذا فقد البرلمان والبلديات بعد انتهاء مأمورياتهم في شهر أكتوبر شرعيتهما ولم تعد الحكومة تتوفر على أغلبية برلمانية شرعية كما نص عليها الدستور. ومن ثم دخلت البلاد في أزمة مؤسسية لا تقل عن تلك التي خلفها انقلاب 2008. إن تصرفات النظام الحاكم أفقدت "الحوار" شرعيته ومصداقيته كما كشفت نواياه الحقيقية المتمثلة في تقسيم المعارضة الديمقراطية وشل السير الطبيعي لمؤسسات الدولة سبيلا للتمسك بالسلطة. وفي ظروف كهذه، مهما تم الحديث عن توصل أطراف الحوار لنتائج قد تبدو إيجابية في شكلها، فمن المؤكد أن محمد ولد عبد العزيز ولو قطع على نفسه العهود وأقسم جهد أيمانه فإنه سيتنكر لا محالة لتعهداته وينتهكها عند أول فرصة كما هي عادته مع الدستور وقوانين البلاد. وأمام الأزمة المتعددة الأبعاد التي تعيشها بلادنا وما يترتب عليها من مخاطر على السلم والأمن وأمام ضرورة تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملحة التي يفرضها الوضع القائم فإن اتحاد قوى التقدم يؤكد التزامه بالعمل مع كافة القوى السياسية والاجتماعية من أجل إخراج البلاد من هذه الدوامة وإعادة بناء الديمقراطية التعددية على أساس اتفاق دكار باعتباره الإطار الوحيد الذي يكفل قيام حوار شامل وجدي يفضي إلى انتقال سياسي جديد مبني على إجماع وطني حقيقي، ولن يألو اتحاد قوى التقدم بالتعاون مع شركائه أي جهد أو تضحية من أجل الإسهام في ذلك. وإنه على ثقة كاملة في قدرة بلادنا على الخروج من الأزمة معتمدا على ما يزخر به من موارد بشرية ومادية شريطة أن يكون شعبنا بكامله مستعدا للمضي قدما والتعبئة - على غرار الشعوب الشقيقة الأخرى خصوصا في العالم العربي - من أجل صنع مصيره وفرض إرادته. وكل عام وأنتم بخير
نواكشوط، بتاريخ:2012/01/03 اللجنة التنفيذية