لا تتحمل الأزمة التي تواجه موريتانيا اليوم زيادة ولا إهمالا ولا تأخيرا، لتعدد جوانبها، ولتوفرها على عناصر التطور والتفاقم والانفجار.
ظروف معيشية لا تطاق، ومضاربات التجار على أشدها دون رقيب، والفساد والإهمال سائدان شامخان. مع التدهور المتزايد لخدمات الدولة والتزاماتها، والانهيار الاقتصادي والإفلاس السياسي، وميوعة القرار.
الحكومة عاجزة عن القيام بمسؤولياتها، ولا أحد يثق في وعودها ومعاذيرها. حتى عناصر الإدارة الإقليمية وقيادات الحزب الحاكم صاروا يسخرون من قراراتها وردود أفعالها. والنظام القائم تبين أنه لن يحدث أمرًا ولن يغير وضعا، ولو بعد ثلاثين سنة.
مصير البلد كله مرهون منذ وقت بمصير شخص أو اثنين، وبصراعات ومضاربات سياسية لا ناقة له فيها ولا جمل، ويدفع المجتمع والدولة ثمنها غاليا.
المادة السياسية المعروضة هذه الأيام مفلسة عدمية: حوارات ومشاورات سياسية يدعو لها النظام وينهيها لأتفه الأسباب، وانسحاب هذا ورجوع هذا ومغاضبة ذاك.
من أجل هذا كله، واستباقا لردات فعل غير واعية، يتعين على النخبة الوطنية أن تتحرك وتقدم ما لديها وألا تنتظر من الجهات الرسمية ما لم يعد بيدها. بل تقطع عطلاتها، وتتناسى صراعاتها ومشروعاتها الخفيفة، من أجل عقد اجتماع عاجل لا يتجاوز جدول أعماله بضع نقاط، تتفق خلاله على أخذ زمام المبادرة ومواجهة الوضع بحراك مستنير، وخطاب جديد، وخارطة طريق واضحة، وعرائض مطلبية متماشية مع الظرفية.
قد لا يؤثر كلام رجل سياسي واحد أو اثنين. لكن عندما تتحرك شخصيات عدة وأحزاب ورموز وطنية في اتجاه واحد، وبمطالب شعبية واحدة لا بد للجميع أن يستمع لها ويتأثر بها.
من صفحة أحمد بن هارون