الصفحة الأساسية > الأخبار > هل باتت شركة اسنيم في خطر؟

هل باتت شركة اسنيم في خطر؟

الثلاثاء 3 كانون الثاني (يناير) 2012  12:26

تشير معلومات متطابقة أن رأيا عاما واسعا داخل عمال الشركة الوطنية للصناعة والمناجم، بات مقتنعا بأن خيار التفاوض مع إدارة الشركة قد وصل لطريق مسدود ولم يعد هناك مفر من التوجه نحو الإضراب. ومع أن الشركة خرجت بصعوبة قبل فترة قصيرة من عملية لي ذراع عنيفة مع عمالها غير الدائمين وتوصلت معهم لاتفاق لم تستطع حتى الآن الوفاء بما جاء فيه من التزامات، إلا أن الخطر الذي يتهدد الشركة وعمالها يبدو وكأنه أكبر من الصراع الداخلي حول الترسيم وزيادة الرواتب أو غلاف التشجيعات.

ذلك أن أكثر من مراقب لما يجري داخل أهم أعمدة الاقتصاد الوطني وثاني أهم شركة منتجة للحديد في إفريقيا، بدأوا يدقون نواقيس الخطر منذ فترة، محذرين من احتمال تردي أوضاع الشركة نحو الأسوأ لدرجة تهدد وجودها، بل إن بعضهم يذهب لملاحظة أن هناك مخططا واعيا لتركيع الشركة من أجل إعادة فتح الملف القديم المتعلق ببيع أغلبية أسهمها لشركات خارجية والعودة بها إلى المربع الأول بعد عقود من النجاح ومن خدمة الإنسان والاقتصاد الموريتاني.

ومع ذلك يصر مديرها العام على أنها في وضعية جيدة مكنتها في شهر أكتوبر الماضي من اعتماد برنامج طموح سيجعلها في أفق 2018 قادرة على إنتاج 25 مليون طن من خام الحديد سنويا، على أن تكون سنة 2014 قادرة على إنتاج 18 مليون طن، وهي تعول في ذلك بحسب مديرها على مكتسبات من أهمها برنامج التنمية والتحديث الجاري تنفيذه والدخول الناجح للسوق الصينية وتوفر وسائل البحث ومصادر بشرية معتبرة...

وبعيدا من أن تحصل هذه النظرة المتفائلة للمدير على إجماع داخل الشركة، فإن أطرا كثيرين يعتبرونها مجرد لغة خشبية غير معهودة داخل شركتهم بل وتثير استياء كل الحريصين على مستقبلها الذين وصف أحدهم مؤخرا تعيين ولد أداع على رأس "اسنيم" بأنه "مثل تعيين سائق إحدى تاكسيات نواكشوط ملاحا لطائرة إيرباص"، معتبرا أن الشركة شهدت في فترته تسيبا لم تعرفه في تاريخها الممتد عبر حوالي 50 سنة من الإنتاجية، وأنها ستنهار –إن هي استمرت كما هي عليه الآن- في غضون 18 شهرا على الأكثر ليجد 4748 عاملا دائما و 3500 عاملا مياوما أنفسهم في الشارع وليخسر الاقتصاد الوطني الشركة التي ساهمت سنة 2010 ب 24% من الناتج الداخلي الخام ومثلت 53% من مجموع صادرات البلاد وحققت رقم أعمال بلغ مليارا و 92 مليون دولار أمريكي.

يتحدث الكثير من العمال داخل الشركة عن انتشار فاحش للمحسوبية وتجارة النفوذ مع ما يصاحب ذلك من مظاهر فساد،كما يجري الحديث عن انتشار حالة عامة من عدم الرغبة في العمل تنعكس بشكل مباشر على الإنتاجية. ويجادل أحد أطر الشركة بأنه سواء نظرت إلى عدد الاستشارات الطبية، أو عدد ساعات التوقف عن العمل بسبب المرض أو عدد القطارات المحذوفة أو عدد انحراف القطارات عن السكة أو عدد حوادث شاحنات المعدن أو ساعات توقف مصنع نواذيبو أو عدد الأيام التي تكون فيها البواخر في حالة انتظار لتجهيز حمولتها أو مستوى البيع... يجادل هذا الإطار بأنك إن نظرت لأي من تلك المؤشرات، فستكتشف أن "اسنيم" تخسر على مستويي الجودة والإنتاجية.

ويدعونا هذا الإطار للنظر معه عن كثب إلى مثال المنجم والمبيعات، حيث علينا أن نكتشف أن القدرات الإنتاجية للشركة (أدوات الإنتاج) تضاعفت وأحيانا أكثر من مرة فيما بين سنتي 2005 و 2011، مما يجعلنا نتوقع نتائج على مستوى الاستثمارات الضخمة، غير أننا سنجد –رغم الظروف الدولية الملائمة لتسويق الحديد- أن الإنتاج سنة 2011 لم يتجاوز 10.5 مليون طن متراجعا عن إنتاج سنة 2010 الذي بلغ 10.8 مليون طن، ليبقى في مستوى إنتاج الشركة قبل 20 سنة أي سنة 1991!

ومن الواضح هنا أنه لولا أن أسعار طن الحديد ارتفعت لتصل 150 دولار سنة 2011 بعد أن كانت سنة 91 لا تتجاوز 16 دولار، لكانت الشركة قد أشهرت إفلاسها، غير أنه من الواضح أيضا أن المراهنة على بقاء ارتفاع الأسعار على حاله لا يمكن أن يضمن البقاء للشركة التي باتت تتعرض لمنافسة داخلية من طرف الشركة السويسرية "اكستراتا" التي تستعد لبدء أشغالها مستغلة مناجم كانت اسنيم قد اكتشفتها ومستخدمة قطاراتها وبناها التحتية، بالإضافة لشراسة منافسيها على المستوى الدولي.

حجم الخطر الواقع على شركة "اسنيم" لا يقف عند ذلك الحد بل يتجاوزه أكثر بكثير، بسبب الضغط الممارس على خزينتها من طرف السلطة والذي يتصاعد بشكل مثير وكأننا أمام سباق مع الوقت لترك هذه الشركة غير قادرة على تسديد رواتب عمالها أحرى مواجهة المنافسة الداخلية والخارجية.

ويتمثل ذلك الضغط في إرغام اسنيم على شراء أسهم في بعض الشركات الخارجة عن مجال اهتماماتها وغير المضمونة النجاح كما هي الحال مع الموريتانية للطيران، كما يتمثل أيضا في فرض الشركة على دفع 28.76 مليار لخزينة الدولة سنة 2011 بعد أن كانت توقعات الميزانية الأصلية لسنة 2011 لمساهمة اسنيم لا تتجاوز 9.1 مليار أوقية، والمثير للاهتمام أن عليها أن تدفع سنة 2012 مساهمة في الميزانية تبلغ 45.4 مليار أوقية أي بزيادة تبلغ 398.9% عن الميزانية الأصلية لسنة 2011!

ويبدو أن عمال الشركة باتوا واعين لحجم المخاطر التي تتهدد شركتهم ، بعضهم قرر مغادرتها قبل أن تنهار فوق رأسه (كما هي حال 23 عاملا ما بين إطار عال وفني قدموا استقالاتهم قبل فترة قصيرة من منجم ازويرات، لتستقبلهم الشركات المعدنية الأجنبية بالأحضان) وبعضهم الآخر ما يزال يراهن على إمكانية بروز إرادة لتصحيح الوضعية رغم أن ما أظهره المدير العام للشركة حتى الآن هو محاولة الهيمنة على كل شيء عبر تعيينات مستقزة في أغلبها لخبرات الشركة وإجراءات أقصر من أن تغطي على وضعية باتت أكثر من مكشوفة.

فحين يجري الحديث عن عدم الكفاءة والفعالية، تتم السيطرة على المناصب الحساسة عبر منحها للمقربين والأوفياء وحين يجري عن فساد داخل الشركة، يتم مثلا طرد فني أفنى عمره في خدمة الشركة لأنه وجدت بحوزته 3 أمتار من الأسلاك الكهربائية المهترئة وذلك من لمجرد تسجيل موقف بأن الإدارة تقود هي الأخرى حربا شرسة ضد الفساد!

للأسف ذلك هو كل ما في جعبة "سائق تاكسي نواكشوط" لطمأنة حوالي 10 آلاف عامل (إذا ما أخذنا في الاعتبار عمال فروع اسنيم التسعة والذين يتجاوز عددهم 700) ولطمأنة كل الشعب الموريتاني لأن اسنيم بالنسبة له أكثر من مشغل ومصدر لتغذية الميزانية، بل هي مثال حي على نجاح الكفاءات الوطنية ودليل ناصع على إرادة الاستقلال والتحرر من هيمنة قوى الاستعمار والاستغلال.

اقلام

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016