الحراطين أو الحراثين كما ورد في كتاب المؤرخ المغربي علال الفاسي منهج الاستقلالية" حيث يري أن طاء الحراطين وثاء الحراثين إنما هما قراءتان لنفس الصوتم " هم سود ينحدرون من السكان الأصليين للمنطقة سواء كانوا شعب البافور أو الزنوج . خلافا لما يراه البعض وهو أن كلمة لحراطين تطلق علي كل من كان مستعبدا من طرف مجموعة ما وأصبح حرا فيما بعد . ؤلئك أسميهم مجموعة سلبت حقها كباقي المجتمعات في المجتمع الموريتاني وليس بالضرورة أن تكون سوداء البشرة أو حمراء أو صفراء فكل من سلب حقه واستعبد يعتبر ضعيفا وعبدا ، فإذا كان الأمر كذالك فبم نسمي رعاة الغنم والإبل من ذوي البشرة الصفراء أو البيضاء ؟ وبما نسمي المجموعات التي كانت وما تزال مهمشة لا تملك حق الإرادة والاندماج الاجتماعي . هل نسميها حراطين بيض أوحراطين صفر لم يرد هذا الإسم قط علي لسان موريتاني أو موريتاني منذ عصر السيبة حتي الآن .إلا أنني لست بصدد تعريف معني كلمة لحراطين والخوض في تفصيلها وسبب نشأتها تاريخيا ، بقدرما أريد أن أصحح النظرة التي ينظر بها البعض إلي هذه المجموعات ذات البشرة السوداء. إن الله عز وجل خلق الخلق من التراب والتراب أنواع فمنها الأصفر والأحمر والأبيض والأسود فمن هذه الأشكال خلق الله أبونا آدم عليه السلام ومنه خلق حواء ومنهما خلق البشر من عرب وعجم ومغول وتتار وقزم وما إلي ذالك من أجناس البشر التي لا نعلمها . والدليل علي ما قلته قوله تعالي : "يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء........" وما هذا التعدد إلا آية تدل علي قدرة الخالق جل وعلا . إن المجتمع المورتاني الأبيض ما يزال البعض منه يعيش في جاهلية حيث ينظر إلي أخيه الحرطاني نظرة دونية ظنا منه أنه أفضل منه فما ذلك إلا ظنا " و إن الظن لا يغني من الحق شيئا " فالأفضلية ليست بمعيار دنيوي كالمال والثراء والجاه وحسن المنظر كما يظن البعض بل بتقوى الله كما قال الباري " يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم" ومنهم من إذا رأيته تنبهر بجسمه وإذا تحدث خلته خشبا ملقي علي الأرض لا فائدة فيه . ما أود معرفته هو هل لفظة لحراطين صيفة تعني الجهل والتقشف والطيش وعدم الإحترام والكراهية ؟ وهل بمجرد أن يكون الإنسان من هذه الشريحة يعني أنه كان عبدا ويحمل أخبث الصفات من جهل وحمق وضلال وبالتلي ننظر إليه نظرة احتقار وازد راء واستعلاء ونعامله وكأنه إنسان ناقص ولا يستحق التقدير والاحترام أم هي خلق إذا التصف به البعض اصبح حرطانيا أو تحرطن إن صح التعبير فقد سمعت أذني اكثر من مرة هذا عمل متحرطن . هل كل من طاش وتشيطن يعتبر حرطانيا ؟ [ألم يقل جعفر بن ابي طالب لملك الحبشة النجاشي : " أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف ......" أليست هذه صفات بشعة كانت في قوم قريش العرب والعرب حقا .هل كانوا يقولون إنها متحرطنة وهل سرقوا هذه الكلمة من موريتانيا التي لم تكن موجودة آنذاك. نعم يجب علي الشعب الموريتاني أن يتكاتف ويتجاوز الرجعيات واجترار الماضي الذي لا طائل من ورائه ويدعوا إلي الوحدة والتآخي حتى يعم الأمن و الرخاء ويصبح المجتمع كالجسد الواحد إذا اشتكي منه عضوا تدعي له سائر الجسد السهر والحمي . وبما أن العاطفة والبراءة لايختصان بجنس معين ، أذكر جيدا أنني كنت في انواكشوط عند حلاق قد أجر غرفة من عند أسرة هناك وكانت هذه الأسرة لديها طفل صغير جميل ما يزال يعيش الفطرة السليمة ولم يتلوث بعد بترهات المجتمع . كانت يداه الصيرتان تعبثان ببعض الأوراق بالقرب مني فوددت أن احمله لئنني كنت أحب الأطفال فمسكت بيده فقال لي: دعني . فقلت له : ولم إني أحبك ؟ فقال : إن أمي قالت لي لا يلمسك حرطاني لئنه وسخ وقذر . تأمل- عزيز- هذه العبارة من طفل صغير ما يزال في الرابعة من عمره ، ألا تري أن هذه الأم زرعت في إبنها سما قاتلا وكراهية لشريحة من المجتمع لا ذنب لها سوي أنها تحمل آية من آيات الله تعالي الدالة علي قدرته وهي سواد البشرة . إننا نحتاج إلي تربية تميت العنصرية والفوارق الإجتماعية . فعلينا أن نعمل جميعا من أجل إزالتها ونبحث عن الدواء ونطبق الإسلام الصحيح الذي جاء وسوي بين البشرية ورفع المستعبدين والمستضعفين حتي كان كبار الصحابة تحت أمرة أسامة بن زيد ذلك الفتي الأسود الأفطس ولم يتجاوز العشرين من عمره فيا لروعة ! طفل أسود أفطس لم يتجاوز العشرين من العمر يؤمر علي أبوبكر وعمر وعثمان وعالي.....إلج ولقد زوج رسول الله صلي الله عليه وسلم زيدا بن حارثة من بنت عمته زينب ليضرب لنا بذالك نموذجا من العدالة منقطع النظير في شخصه صلي الله عليه وسلم وفي صحابته الكرام . فينبغي لنا أن نتأسي به ويكون لنا قدوة في جميع أقواله وأفعاله