ما إن ذاع نبأ استقالة حكومة ولد بلال عصر يوم الثلاثاء حتى دبت فرحة عارمة في أوساط سكان ولاية لعصابه أنستهم الغلاء الذي يجوع أطفالهم ،والجفاف الذي يدمر مواشيهم وحقولهم ،والخدمات المتردية التي تحول يومياتهم إلى جحيم !
لقد تهاتف الجميع وتبادل التبريكات والتهاني لأن رئيس الجمهورية نهض في نهاية المطاف فأتِبع أقوال الأسبوع الماضي بفعل مبهج ورائع في الأسبوع التالي !
باعة المساويك ،وتاجرات الحلوى وأصحاب العربات . نساء ورجال متعلمون وأميون وما بين ذلك تجدد فيهم الأمل ودبت في أجسامهم القشعريرة ؛وهم يرون ذهابا مذلا لحكومة العجز والكذب واللامبالاة.
في الشارع وفي الصالونات وفي المكاتب والأسواق وعند الآبار ومضارب "العزبان" لا صوت يعلو تباشير إصلاح جديد يعتزم رئيس الجمهورية القيام به وانتظار حكومة بكر، نظيفة ،قادرة وصادقة.
كانت ساعات الأصيلال من يوم 29 مارس وساعات الضحى من اليوم التالي فاصل زمني بين النقمة والحزن والخوف مما تخبئه الأيام وبين فجر يترآى من النور والانطلاق نحو مستقبل مبتسم واعد.
لا أحد بولاية لعصابه كان يظن أن يكون الحلم على هذه الدرجة من القصر، وليس هناك من المواطنين من كان يحسب مساء الأربعاء كئيبا كمساء الإثنين قبله !
الصدمة كانت كبيرة، والمفاجأة كانت قوية وخيبة الأمل لا حدود لها ودرجة التمزق تفوق المقاومة !
لقد تأكد أن رئيس الجمهورية يريد أن يظل ضد شعبه فلا يكاد يتصالح معه لحظة حتى يهجره ويقطع حبل وده في اللحظة التالية !
الناس هنا تتمنى أن يكون الرئيس قائدا عظيما ورئيسا فذا للجمهورية، ترجوه أن يدخل التاريخ . تتضرع إلى الله أن يوفقه لاختيار البطانة الصالحة والفريق الحكومي المقنع وسيادة الرئيس يأبى !
لم يفرح الشعب في هذه المنطقة مثل ما وقع مساء الثلاثاء !
أيام الغليان والاحتقان والغضب من سوء الأحوال وضنك العيش تجاوزها الناس في لحظات فشعروا بالكثير من السعادة والطمأنينة والثقة في رئيس البلاد ومستقبل الوطن.
شعبية رئيس الجمهورية خلال هذه الساعات القليلة بلغت أرقاما قياسية نسي الناس إزاءها كل مظاهر الإخفاق وباتوا على موعد جديد مع رئيس كأنه يمسك الأمر للوهلة الأولى فكان هذا الفعل جابا لما قبله.
غير أن الإشارات الأولى بالعدول عن مسح الطاولة والاكتفاء بالترقيعات والتبادل أعادت الناس إلى مربع اليأس والتيه وصاروا يتساءلون هل كانوا في نوم أو يقظة؟
إن ردود أفعال مواقف سكان الولاية من هذا الحدث ترجمت بجلاء أن مسؤولية نجاح أو فشل هذا الرئيس تعنيهم فهو ابنهم الذي علقوا عليه آمالا جسيمة وكانوا يتمنون ألا يخجلهم.
انتهى حلم الثلاثاء الجميل وليواصل سكان لعصابه وغيرهم في هذه الجمهورية "العقيمة" السير مع الخيبات ومع مطبات الأسى والضياع حتى يأتي الله بفرج من عنده.