أوفدت عدة أحزاب موريتانية خلال الأسبوعين الماضيين بعثاتها إلى الداخل تحت شعارات مختلفة(لقاء القواعد و الاطر، الاطلاع و الاستماع،و الوقوف على عمل الحكومة...)، في خطوة جاءت لكسر رتابة المشهد السياسي في البلد منذ مجيء النظام الجديد، وما بذله من جهد لتلطيف المناخ السياسي، و التهدئة بين أطراف المشهد السياسي المحلي، و كانت بعثات الحزب الحاكم أكثر البعثات صدمة -حتى الآن- بفعل ما لقيته من انتقادات لاذعة للحزب، و ما كشفته من عور الانسجام المفقود داخل هذا الحزب، فخيطه الرابط الوحيد هو دعم الرئيس، والولاء للوظيفة، والمنصب،و لم تسلم أحزاب المعارضة من هذه الصدمة بسبب ما لحق بها من تشرذم، و انشقاقات في صفوف قياداتها الذين استمالهم مرق السلطة مع مجيء هذا النظام، في أكبر عملية بيع للوهم وقعت معارضتنا ضحيتها منذ فجر ديمقراطيتنا الوليدة، لكن الملاحظة الأبرز هي ما أذكته هذا الزيارات من صراعات داخل اجنحة الحزب الحاكم المتنافرة، حيث تنافس كل فرق في إظهار ولاءه للوزير " الفولاني" او الحلف " الفوكاني" في مشهد بائس يكشف مدى تجذر التملق، والاسترزاق و النفاق. أما الظروف المعيشية للسكان، ومدى تقدم الأشغال في مشاريع الحكومة فجسدته حالة اللوحة المعتمة للداخل حيث يهيمن الفقر،والمرض،و العطش، و الجهل، كما رسم ذلك رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في آخر خرجاته.
المتابع لهذه الزيارات يجد أن الأحزاب السياسية في موريتانيا رغم مرور عدة عقود على نشأتها لا تزال أحزابا شخصية ذات أنشطة وقتية، تحكمها قيادات نفعية، تعمل على تكريس فعل القبيلة، وتمجيد الاشخاص، وتدفع الدولة والمجتمع إلى الانهيار، اما السبب فالكل يعرفه، فهو سيطرة نخبة من المفسدين،و المتملقين على ثروة الدولة، و تسخيرها لتحقيق مصالحها في الإدارة، والبرلمان مع كل فرصة انتخابية، اما السؤال الذي غاب عن ذهن المواطن البسيط المطحون،و المغلوب فهو ماذا تفعل هذه البعثات التي تضم في صفوفها رجال أعمال برلمانيين، و مفسدين مشمولين في ملفات عشرية يشهدون عليها بالفساد؟
و السؤال الذي تلوكه السنة الفقراء و المساكين في الداخل فهو: لماذا لا تبعث الحكومة والحزب العلف للحيوانات، و الماء للعطشى،و الدواء للمرضى، و السمك للجوعى؟
انها بعثات الالهاء، مجرد دمى فوق خشبة المسرح، لو قرأت بين سطور تقاريرها لأدركت انها جاءت لتغرس خناجرها في جسم هذا الوطن المنهوب، لتسلب الأمل، و تمتص الدماء، و تقتل البراءة و الطهر في نفوس الفقراء من أبناء هذا الوطن، و ستعود مرة أخرى لتكرر فعلها الشنيع بأبشع صور . فمن للفقراء، و البلد الفقير،؟ لك الله يا وطن.
كان الرئيس السابق ولد عبد العزيز يسمى رئيس الفقراء، ولكنه لم يكن فقيرا، هذا ما كشفته تصريحاته، و التحقيقات حول ثروته، جاء خلفه ولد الشيخ الغزواني ليكون أكثر صراحة عندما أخبرنا انه ليس من الفقراء،حيث قال بصريح العبارة" الخلط بلدكم فقير" و لم يقل "بلدنا فقير" لانه لا يريد أن يكذب علينا، و يبيعنا الوهم.
كتبه العبد الفقير لله
عال ولد يعقوب