لا شك أن إنشاء وكالة وطنية تعني بقضايا الرق ومخلفاته مسألة مهمة ومرحب بها من طرف الجميع ، وكانت مطلب عند مناضلي العبودية من منظمات حقوقية واحزاب سياسية ، لكن يبقي السؤال الأهم الذي يراود الكل هو "ماهو الدور الذي ستقوم به هذه الوكالة ؟، و علي أي أساس ستنفذ برامجها ومهامها ؟ وهل ستتمتع بصلاحيات واسعة واستقلال تام عن الجهات الرسمية في سبيل تحقيق اهدافها وغاياتها ؟.
إن معاناة ساكنة آدوابه والقري الريفية الأخري من الحراطين هي معاناة حقيقية وواقعية وماثلة للعيان لكل من قاده الفضول لزيارة تلك المناطق فلا تعليم ولا صحة ولا مياه صالحة للشرب ولا كهرباء ولا مشاريع تدر دخلا علي هولاء السكان ولا طرق ولا اراضي مستصلحة للزراعة ولا....ولا.....، وتطول قائمة المعاناة .
في ظل وضع كهذا فإن مهام الوكالة ستكون صعبة جدا نظرا لما ينتظرها من مسؤوليات جسام وما يعلق عليها من آمال وتطلعات من قبل الجميع .
إن قضية العبودية لها جانبين متلازمين و كل جانب مكمل للآخر هما :
الجانب القانوني الذي يعني تطبيق القانون علي كل حالات العبودية التي يتم ضبطها من حين لآخر من قبل المنظمات الحقوقية ، وهذا قد لا يكون من مهام الوكالة ، وهو بالطبع من مهام سلطات الدولة الإدارية والقضائية التي كثيرا ما تتلاعب في كل قضايا العبودية .
الجانب الثاني وهو اقتصادي تنموي وهو الأساس والغاية الذي أنشئت الوكالة من اجله . وما يخشاه الجميع أن تتحول الوكالة إلي سابقيها من المشاريع التنموية التي ذهبت ادراج الرياح وتقاسمها الوجهاء وشيوخ القبائل وكذلك بعض المسؤولين واصبحت وسائل ضغط يستخدمونها ضد بعض آدوابه المارقة التي لا تخضع لرغباتهم الإنتخابية ، وهي مشاريع مولت من قبل المنظمات الدولية والدولة الموريتانية علي أساس أنها مشاريع موجهة إلي ساكنة آدوابه والقري المشابهة لها لكن وللأسف الشديد لا توجد آثار لهذه المشاريع علي أرض الواقع في غالبية تجمعات وقري الحراطين . إنها تعيش واقع مر والحديث عنه أكثر مرارة نتيجة للوضعية المزرية التي تعيشها تلك المناطق ، وهو ما يفرض علي هذه الوكالة العمل بكل جدية والنزول إلي مناطق تواجد الناس المستهدفة والمعنية ببرامجها ومعرفة ماهي حاجياتها وأولوياتها والتشاور مع كل الشركاء الذين يمكن أن يكون لهم رأي مفيد في سبيل وضع خطط وبرامج عاجلة ومستعجلة مفيدة لإنقاذ سكان تلك المناطق المستهدفة من الواقع المشين والمزري الذي تعيشه ، ويجب ابعاد كل الوجهاء وشيوخ القبائل عن عمل الوكالة وكذلك بعض المسؤولين الذين احتلوا الوظائف الإنتخابية والسامية بأصوات هؤلاء الضعفاء والبسطاء المفعول بهم الذين لا حولهم ولا قوة .
لإعطاء قيمة لعمل الوكالة لابد من تعزيزه بتطبيق الترسانة القانونية المتعلقة بالعبودية وتطبيقها بحذافيرها علي كل من تثبت إدانته أو تورطه في ممارسة حالة عبودية ، وإلا فإن عملها سيظل مشلولا وستبقي عرجاء وعوراء بين عورها وعرجها . ولا يكفي إن شاء وكالة يناط بها عمل اشياء معينة فقط ولا يكفي أن تعطي مبالغ مالية للأشخاص بهدف القيام بنشاطات معينة ... لابد من عمل حقيقي وجدي وملموس علي أرض الواقع من قبل الوكالة من أجل مداوات جروح سكان آدوابه وتعويضهم ما فاتهم من حقوق في وطنهم .