ي استوقفتني عند قراءة البيان المذكور، وهذه الملاحظات متعلقة في مجملها فيما بما بات يُعرف بوكالة التضامن الوطنية لمكافحة مخلفات الرق والدمج ومحاربة الفقر.
الملاحظة الأولى: يبدو أن مجلس الوزراء الأخير قد قرر أن يجري تعديلا على اسم الوكالة والتي كانت تُسمى حسب بيان الخميس الموافق 21 ـ 03 ـ 2012 الذي صادق على مشروع المرسوم المنشئ لها بالوكالة الوطنية لمحاربة مخلفات الرق وللدمج ولمكافحة الفقر. أما في البيان الصادر اليوم، فقد أصبح اسمها: وكالة التضامن الوطنية لمكافحة الرق والدمج ومحاربة الفقر.
ولعل الإيجابي في هذا التغيير هو أنه قد استجاب لأصوات كثيرة طالبت خلال الأسبوعين الماضيين بضرورة أن تكون الوكالة وكالة لمكافحة الرق، بدلا من الاكتفاء بمحاربة مخلفات الرق. لذلك فيمكن القول بأن الحكومة ومن خلال التسمية الجديدة قد اعترفت بأن الظاهرة ما تزال موجودة، وبالتالي فهي بذلك تكون قد استجابت لأصوات كثيرة ظلت تُطالب بضرورة الاعتراف بوجود الظاهرة، حتى وإن اقتصر وجودها على حالات محدودة.
أما السلبي في التسمية الجديدة هو كونها لا تستقيم لغويا إلا إذا كانت الدولة قد أصبحت تفكر في محاربة الدمج، وفي محاربة من يحارب الفقر. فالصيغة الأسلم للتسمية يجب أن تكون: وكالة التضامن الوطنية لمكافحة الرق وللدمج ولمحاربة الفقر.
والحقيقة أن مثل هذه الأخطاء كثيرا ما يظهر في البيانات الصادرة عن اجتماعات الوزراء، لذلك فإني أنصح الحكومة بأن تكتتب متخصصا في اللغة يتولى عنها صياغة تلك البيانات.
ويبقى أن أشير في الأخير إلى أن التسمية الجديدة لا تزال تحتاج إلى شيء من الاختصار، رغم أنها لم تعد بطول التسمية الأولى. فأسماء الإدارات والمؤسسات والشركات يجب أن تختصر جدا حتى يسهل ضبطها وحفظها من طرف المواطنين.
الملاحظة الثانية : لقد أظهر البعض استغرابه لتعيين مدير على رأس الوكالة من غير أبناء الشريحة المستهدفة. وفي اعتقادي أن الصحافة الحرة بتحليلاتها وبتوقعاتها التي ظلت تحصر الأسماء المحتملة لتولي إدارة الوكالة في أسماء معينة من شريحة لحراطين قد ساهمت في خلق ذلك الاستغراب عند الكثيرين عندما تم تعيين مدير من غير أبناء الشريحة.
إنه علينا أن ندرك بأن قضية محاربة الرق هي قضية وطنية تعني الجميع. كما أنه علينا أن ندرك خطورة تخصيص وظائف معينة لشريحة معينة، فنحن لسنا في دولة طائفية يتقاسم أبناؤها الوظائف حسب طوائفهم أو شرائحهم.
إن التركيز كان يجب أن ينحصر في البحث عن الموظف الكفء القادر على أن يجعل من الوكالة إدارة فعالة في محاربة الرق وفي الدمج وفي محاربة الفقر، وذلك بغض النظر عن الشريحة التي ينحدر منها ذلك الموظف.
وبطبيعة الحال فإن هذا الكلام لا يتعارض إطلاقا مع التمييز الإيجابي لصالح الشريحة، والذي يشكل مطلبا عادلا، ذلك أن التمييز الإيجابي يعني إعطاء الأولوية لأبناء الشريحة، ولكنه لا يعني بأي حال من الأحوال أن تكون هناك وظائف محددة خاصة بأبناء الشريحة دون غيرهم.
الملاحظة الثالثة: قد يكون من المهم أن ترفع الحكومة من شأن هذه الوكالة، وأن تجعلها بمستوى مفوضية على رأسها مفوض يتم تعيينه عن طريق بيان رئاسي، بدلا من الاكتفاء بمدير عام يتم تعيينه في مجلس الوزراء.
الملاحظة الرابعة: لم أكتب هذا التعليق السريع لأتحدث عن الوكالة، ولا عن طبيعة عملها، ولا عن دورها المنتظر، ولا عن شخص المدير الذي تم تعيينه، وهل هو الشخص الأنسب أم لا؟ فتلك أمور قد تحدثت عن بعضها في مقالين سابقين وربما أتحدث عن بعضها الآخر في مقال لاحق.
هذا التعليق كتبته فقط لأتحدث عن تغيير اسم الوكالة وعن تبدله، وعن الخطأ الذي وقع فيه البعض عندما حاول أن يوهم الناس بأن الوكالة يجب أن لا يعين عليها مدير من غير أبناء الشريحة.
حفظ الله موريتانيا.