انتهت مأموريات مختلف المؤسسات المنتخبة تقريبا وتوشك مأمورية رئاسة الجمهورية على الانتهاء ومع ذلك فلا أحد يستعجل تنظيم الانتخابات بل لا أحد يقبل حتى بتحديد موعد تلك الانتخابات التي تبدو وكأنها تحولت إلى "معضلة رئيسية" وإلى وصمة في جبين الديمقراطية الموريتانية.
أية ديمقراطية هذه التي تعجز عن تنظيم انتخاباتها وفق آجالها الدستورية؟ بل أية ديمقراطية بإمكانها أن تحقق كل هذا الاجماع المنقطع النظير على إسقاط الانتخابات من جدول أعمالها؟
تحت مبررات واهية تعلن السلطة تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، بعد أن كانت قد مهدت لخطوتها تلك بتدمير الحالة المدنية وبالمماطلة في إنجاز حالة مدنية بديلة؛ ومن جانبها تتكفل المعارضة بمراكمة العقبات في وجه أي تنظيم محتمل للانتخابات، لدرجة أنه لا فكرة رئيسية يمكن استخلاصها من مبادرة الرئيس مسعود ومن العريضة الانتخابية للمنسقية، باستثناء أن تنظيم الانتخابات في بلادنا بات من شبه المستحيل!
وكأن كل ذلك لا يكفي، تغرق اللجنة المستقلة للانتخابات بدورها في رتابة مستفزة وتحيط نفسها بسياج من الصمت وتتخذ قراراتها وكأنها مختبر آخر للشمولية وليست أداة للبحث عن الاجماع وتسهيل التحرك نحو انتخابات مطمئنة للجميع!
لماذا كل هذا الكره للانتخابات في وقت يدعي فيه كل من أطراف المشهد السياسي بأن الشعب يقف إلى جانبه؟
من الواضح أن مأمورية السلطة الحاكمة أوشكت على الانتهاء من دون أن تتمكن من إنجاز ما وعدت به من "مشاريع عملاقة"، بعضها لم ينطلق بعد فيما أخطا بعضها الآخر أهدافه. ومن الواضح أيضا أن "الرحيل" استنزف كل طاقات المعارضة، ليتركها غير جاهزة لخوض غمار معركة انتخابية قد تنسف الخريطة الراهنة.
فهل يعني ذلك أن حالة من عدم اليقين تهيمن على المشهد، فلا تترك للفاعلين الرئيسيين خيارا آخر أفضل من التمسك بالوضع الراهن؟ وهل يعتبر ذلك مؤشرا على أن القوى الراهنة فقدت قدرتها على العطاء وأن الأرضية باتت مهيأة لميلاد قوى جديدة قد تظهر من حين لآخر؟
اقلام