تقع منطقة "آمرش" شمال مدينة كيفه. يشقها الطريق المعبد المؤدي إلى مدينة بومديد، وتتحدد هذه المنطقة بخاصية طبيعة فتشكل سهلا مربعا تغلب على نباتاته غابات "التمات"وأعشاب "آزملي".
وقد تعارف الناس على حدود هذه المنطقة، فمن الجنوب تنتهي في بلدة "لقويركه" ومن الشرق "أصبيبرات" وشمالا "أنتولولاي" ومن الغرب موقع "تفرغ".
وتعد هذه الأرض من المواقع التاريخية في المنطقة التي تميزت بعطائها المادي والعلمي وبمزاراتها الروحية وتراثها الغني، وشهدت تواجدا بشريا كبيرا منذ قرون لما تزخر به من خيرات حيوانية وزراعية جعلتها قطبا تنمويا حافظ على أهله ردحا طويلا فنبض بالحياة ،ودب بالنشاط ،وساهم بشكل فعال في تشكل مراحل تأسيس ولاية لعصابه.
حبا الله هذه الأرض المعطاء بتربة زراعية خصبة ترتوي كل حول بمياه فياضة تتدفق عبر الأودية والجداول ؛فنشأت سدود زراعية كبرى أنتجت محاصيل زراعية متنوعة أفادت الدورة الاقتصادية والمنتوج الإقليمي من الغذاء؛ في مقدمتها سدود: ميل ميل، سد الشرفه، سد أهل سيد احمد ول بكار، أكرج المالح، اتفاقات، أقويصبهم، أصبيبرات، أربع تيدوم.
ولم يعد لهذه المنطقة أي منافس في مستوى انتشار المواشي فتفوقت على جميع الوجهات الطبيعية في الشرق الموريتاني في تعداد الأبقار وجودتها ومردوديتها؛ فضلا عن الأغنام والإبل التي تجد في منتجعاتها كل يانعة فتتصبب من كل اتجاه لقضاء فترات هناك فتكدس اللحم والشحم واللبن.
وكالة كيفه للأنباء زارت "آمرش" في وقت سابق من العام الماضي للتعرف عن قرب على كنوزها التنموية والسياحية فتحدث إلى رعاة وإلى منمين ومزارعين بالمنطقة، تحدثوا عن خيراتها واستجابتها للاستغلال ، مبرزين جميعا أن حالها كان سينفع جميع أرجاء الوطن لو نالت لفتة من الحكومة. الإطار لمرابط ولد محمد حبيب الذي كان يقضي إجازة في المنطقة وتحديدا عند سد أهل سيد احمد ولد بكار الذي هو أحد ملاكه التقليدين التقته الوكالة و سألته عن نشأة السد وعن سبل استغلاله مجددا فقال:
إن هذا السد بني في عشرينيات القرن الماضي من طرف أجداده رحمهم الله تعالى وقد كان كغيره من السدود في منطقة (امرش ) يشكلون خزانات غذائية لسكان المنطقة والمناطق المجاورة لها فيأوي إليه جميع أفراد المجموعة التقليدية قي فصل الأمطار لممارسة الزراعة فيحصدون بعد نهاية الموسم كميات كبيرة من الحبوب تؤمن لهم قوتهم لسنة قادمة وقد كانوا يقسمون الأرض بكل عدالة بين أفراد المجموعة.
وأضاف بأن هذه السدود كانت تحقق الأمن الغذائي لسكان هذه المنطقة علي ما يزيد علي قرن من الزمن، واليوم ونحن نقف علي أطلال هذا السد – يقول ولد محمد حبيب - حيث عبثت به عاديات الزمن فإننا نهيب بالسلطات الوصية على القطاع الزراعي أن تأخذ زمام المبادرة ، وتعيد ترميم السد من اجل أن يعود كسابق عهده مما سيخفف من آثار الفقر والغبن علي ساكنة المنطقة .
وكالة كيفه أيضا تحدث إلى المزارع بنفس السد سيدنا عالي ولد محمود فناشد السلطات العمومية التدخل وبناء هذا السد ؛مؤكدا أن ذلك سيجلب نفعا كبيرا للسكان.
المنطقة بمناظرها الطبيعية الخلابة، ومياهها الرقراقة ،ومواشيها المنتشرة في المنتجعات الخضراء في يوم صحو جميل؛ اجتذبت المتنزهين الذين يفدون من مدينة كيفه وغيرها كل يوم فيستظلون بالأشجار على نسائم المياه ،ويقضون أوقاتا ممتعة على المشوي والشاي، يتبارون في مختلف الألعاب التقليدية ليختموا يومهم عند الأصيل بالتنافس في الرماية على تلك الكثبان الذهبية المحفوفة بالخضرة الناعمة، ويشربون اللبن طازجا من محالب شهية ساخنة.
لو كانت منطقة " آمرش " في بلد رشيد يعتني ولاة أمره بمقدرات الأرض، ويعون ما لها من أهمية لكان لها شأن كبير ولغطت نعمها أصقاعا واسعة من الوطن.
فهل يأتي اليوم الذي يستفيد فيه هذا الوطن على الوجه الأكمل من غنى هذا المنكب السخي ومعينه الذي لا ينضب.؟
وهل نصبح يوما على حكومة لامعة تستشعر الخسارة التي يمثلها إهمال مثل هذه المناطق.؟
وكيف نفهم التغافل ونحن نتحدث عن منطقة تَمَاس مع مقاطعة رئيس الجمهورية وطريقه للوصول إلى مدينته بومديد؟