استوقفتني مداخلة لأحد مستمعي الإذاعات الخصوصية أثناء بثها لبرنامج توجيهي موضوعه حب الوطن ، اعتبر هذا المستمع أن ليس هناك وطنا يستوي فيه الكل وبالتالي فإن درجات الحب تتفاوت حسب المواطنين تجاه الوطن ،بل ذهب أبعد من ذالك فقال : إن في هذا الوطن من نهبوا خيراته واستنزفوا طاقاته ومقدراته فشيدوا القصور وبنو الدور وتقاسموا المناصب ووزعوا المنح بين أبنائهم ليخلفوهم عند مماتهم .
جوعوا هذا الشعب المسكين المغلوب على أمره ،سرقوا أمواله وأثقلوا كاهله بالديون فلم تسلم أجياله القادمة - والتي لم تر الوجود بعد – من مطالب سيمد لها الغرب المستعمر يده عند حلولها بعد عشرين ، بعد خمسين ، بعد مائة سنة من الآن .
قال المتدخل إنه يحق لهؤلاء الذين امتصوا ثروات هذا الشعب أن يقولوا بأن لهم وطنا ولهم الحق في أن يحبوه .
أما السواد الأعظم من أبناء هذا الوطن الذين يعيشون في الكبات والكزرات وفي الأرياف ، الذين يتخذون من الغبراء فراشا ، ومن الشمس الحارقة ظلالا ، فلا تقيهم أبنيتهم المتهالكة حرها ولا قر البرد .
إن هذه الغالبية تعيش رغم ما يقال عن ثروات بلادها المتنوعة حالة بؤس وشقاء لا يوجد لها نظير ، فالمواد الاستهلاكية عندها تتصاعد أسعارها يوما بعد يوم وقيمة عملتها الوطنية تهبط يوما بعد يوم ، ويقل دخل الفرد العامل منها يوما بعد يوم أما غير العامل وهو الأغلب الأعم فلا دخل له .
إن التعليم والصحة وغيرهما من الخدمات العامة الأساسية تكاد تكون معدومة بالنسبة لهذه المجموعة التي أصبحت مستوطنة للجهل والمرض في حين ترفل القلة القليلة الأخرى في نعم ورغد عيش تنتقي لأبنائها أحسن الجامعات العالمية وتتعالج علي نفقة الدولة في أرقي المستشفيات الأوروبية .
حق لهؤلاء المشردين في هذه البقعة من العالم أن يقولوا لكي يعيشوا وطنا ويعملوا علي ذالك : ضحايا الشقايا
ضحايا الفساد
يعم الفساد
جميع البلاد
نهوضا لنطعن حكم الفساد
فماذا نقول وماذا نريد
نريد الحياة بلا ظالمين
وحق لؤلئك المبجلين أن يقولوا :نعم للوطن ،يحيا الوطن