أخي الغالي، أجدد لك التهنئة على تشريفك لبلدنا فى كل المحافل الدولية التي اعتليتَ منابرها مدافعا عن الحرية والكرامة الإنسانية، وإطارا كفؤا جريئا، لم يدنَّس كبرياءَك النفاقُ والخنوع، و ما جثوتَ يوما على ركبتيْكَ فى إسطبل التودد المُهين، بل كنت وستظل مرفوع الرأس، تدخر نفسك للوطن والمهام الجسام.
أجدد لك التهنئة على الثقة التي عبر عنها أمس واليوم خطباء فى مقام رؤساء الدول والمنظمات العالمية،أجمعوا على كفاءتك وحسن تسييرك، وكرم أخلاقك. إن هذه الثقة المتجددة امتداد للإحترام المستحق الذي تحظى به لدى طلابك فى الجامعة، ورفاق دربك فى السياسة، وزملاءك ومعاونيك فى العمل الحكومي والمؤسسي، فى بلدك وفى ما وراء البحار.
لم أصدِّقْ أن بلدك يقود حملة لإقالتك من رئاسة منظمة إقليمية برهنتَ فيها على أهليتك للقيادة والتخطيط والتنفيذ.
إنك لم تُخلقْ لتُنهيَ أيامكَ مفوضا ساميا لمنظمة استثمار نهر السنغال، فطموحك المشروع أكبر، ومؤهلاتك عون لك فى تحقيق هذا الطموح، ولو دامت لغيرك ما وصلتْ إليك. لكن المؤسف أن تأتيك الطعنة من وطنك، وأن يحرص الآخرون على التمسك بك حتى آخر لحظة. و المؤسف أكثر أنك لستَ أول، ويعتقد الكثيرون أنك لن تكون آخر من فرَّطتْ فيه موريتانيا الجديدة، التي يوشك أطرها الأكفاء أن يصبحوا "فصيلة بشرية آخذة فى الإنقراض" جراء سياسة تسير عكس التيار، وتسخِّرُ وسائلها الدبلوماسية وعلاقاتها العامة لملاحقة مواطنيها والتشهير بهم، بدل الدفاع عنهم والسهر على مصالحهم التي، هي فى المحصلة، مصالح بلد يجب أن يجعلهم يفخرون بالإنتماء إليه.
لستَ الأول، يا أخي محمد سالم، فقبلك استنفرتْ موريتانيا الجديدة وزراءها وسفراءها ومبعوثيها لاستبعاد أخيك الأكبر، الشخصية الوطنية البارزة، والضابط الشجاع، الشيخ سيد احمد ولد بابامين، من رئاسة بعثة الإتحاد الافريقي لمراقبة انتخابات المجلس التأسيسي فى تونس. وقبلك تم الإستغناء عن خدمات أخٍ لك فى الشباب والأكاديمية والكفاءة، هو وزير الخارجية الأسبق محمد محمود ولد محمدو، الذي أنفق ماء وجهه منافحا عن "حركة التصحيح"، وأخذ علما بإقالته عبر التلفزيون، ولو لم يكن له متحوَّلٌ على الضفة الأخرى للأطلسي ماكانت موريتانيا الجديدة توقفت عن السعي إلى قطع رزقه حيث ما حل وارتحل.
وقبلك حاولت موريتانيا الجديدة أن تذيق أخاك الآخر، وزير الخارجية الأسبق محمد السالك ولد محمد الأمين الأمرَّيْن، وتُنهي عقوده مع مؤسسات دولية، لمجرد أنه سجل شهادته على مرحلة مهمة من مراحل تاريخنا الحاضر.
وقبلك رفضت موريتانيا الجديدة الترخيص لمركز الدراسات الإسراتيجية الذي أسسه أخوك الأكبر ،الدبلوماسي المحنك والشخصية الأممية، أحمدو ولد عبد الله، فاضطر لنقل نشاطاته تارة إلى تونس وتارة أخرى إلى داكار، فكان محل ترحيب و تكريم واحتضان.
وقبلك حشدت موريتانيا الجديدة قواها لملاحقة رجل أعمال شاب، ومواطن قاري فذ، هو المصطفى ولد الإمام الشافعي، لأنه عبر عن آراءه السياسية، بأسلوب لا يروق لمفسري الأحلام و قراء الكف الجدد. وقبلك تخلَّتْ موريتانيا الجديدة عن أخ آخر لك، ومرشح سابق لمنصب الرئاسة، ورجل أعمال ناجح، هو مصطفى رشيد، لأن دبلوماسيتها منشغلة بملاحقة مواطنيها ومضايقتهم، بدل حماية أرواحهم وممتلكاتهم داخل وخارج الوطن. وقبلك ، بفترة وجيزة، كانت محاولة الإجهاز على رجل أعمال وطني رائد، وفاعل خير مشهود، هو محمد ولد بوعماتو، فى مسلسل سيء الحبكة والإخراج، راح ضحيته مرضى وفقراء وموظفون.
ليعذرني من نسيتُ تشريفهم بالذكر فى هذه اللائحة الموجزة، وكم أتمنى أن تشرق شمس اليوم الموالي وقد راجعت موريتانيا الجديدة سياستها اتجاه أطرها الأكفاء، وفتحت صدرها للجميع، وأقنعتهم بأن وطنهم، وإن جار عليهم....عزيز.