المصائب لا تأتي فرادي، كما يقول المثل العربي، فمرة جديدة تتناقل وسائل الإعلام فاجعة جديدة تحل بقطاع الطيران العسكري الموريتاني، فاجعة أخرى ستثير الكثير من التساؤلات كسابقاتها التي حلت بهذا القطاع الذي كثيرا ما تغنى به رئيس الدولة باعتباره في أفضل حالاته منذ ولادة الدولة الموريتانية إلى اليوم، فكثيرا ما ادعى أن الجيش قادر على مقارعة القاعدة وهي التي ضربتنا – للأسف - في ضواحي نواكشوط.
قبل سبعة أشهر تحطمت طائرة عسكرية في مطار نواكشوط الدولي بينما كانت تقوم برحلة يقال إنها متجهة إلى شركة تازيازت موريتانيا وراح ضحيتها آنئذ سبعة أشخاص عسكريان ومدنيان واثنين من الجمارك، ولم تتضح لحد الآن التفاصيل الحقيقية الكامنة وراء ذلك الحدث الأليم ، وقبل فترة وجيزة عمت الساحة الوطنية حادثة سرقة أموال الجيش الموريتاني البالغة سبعمائة مليون أوقية حيث اتضح أنها كانت نتيجة عملية حسابات مشبوهة بين المحاسب المساعد أول الخليفة و قريب له يدعى اعبيدي ولد الخوماني الذي اعتاد أن يأخذ هذه الأموال ويقوم بعملية تربح مشبوهة ثم يعيدها بعد ذلك قبل أن تسول له نفسه هذه المرة الاختفاء بالأموال ليتم القبض عليه من قبل مجموعة من الدرك في حي "عين الطلح" التابع لمقاطعة تيارت.
إذا هذا القطاع الحساس الذي يعتبر من القطاعات السيادية للدولة الموريتانية يبدو أنه عبارة عن لعبة تتقاذفها الأيادي العسكرية المستهترة ذات الوزن الكبير خاصة أن الأخبار الواردة من التحقيق مع الشاب الذي هرب بأموال الجيش قال أن هناك قادة كبار متورطون في القضية وهو ما يعتبر منطقي إذا ما لاحظنا أن المبلغ كبير نوعا ما ولا يمكن التلاعب به إلا بمعرفة أولائك القادة.
الحادثة التي ستزيد الطين بلة هي سقوط هذه الطائرة الهيلكوبتر اليوم شمالي أوجفت في منطقة تيريبان مما أسفر حتى الآن عن موت أحد العنصرين الذين كانا على متنها ونجاة الآخر ، إذن نحن أمام منعطف خطير يجب إعادة النظر فيه لتجهيز قواتنا المسلحة قبل أن تؤول الوضعية الى تلك التي كانت معروفة زمن حكم ولد الطابع مما حدي بالكثير من الجنود الى الاستقالة قبل أن يتجسد ذلك الرفض في أول محاولة انقلابية من طرف صالح ولد حننا وزملاءه.
هذه الوضعية تضع تصريحات رئيس الدولة المتكررة على المحك والتي كان أطلقها في العديد من المناسبات قائلا إن الجيش يتمتع بأحدث التجهيزات وليس بحاجة لأي دعم وهو قادر على القيام بأصعب المهام .
إذا لا يمكننا بحال من الأحوال أن نفصل هذه الحادثة عن قضاء الله وقدره، ولكن كما يقول المثل العربي (لا دخان بدون نار) ، فما أشرنا له من حوادث الفساد المستشرية خصوصا في الجيش، لا يمكن أن يكون بمعزل عن هذه الفاجعة الأليمة الجديدة ، فهذا النظام الذي لطالما ادعى محاربة الفساد والمفسدين اتضح أن كل هذا الكلام مجرد من معانيه وهو فقط للاستهلاك الإعلامي حتى تتم استمالة العامة من الشعب المغلوب على أمره.
ما نحن بحاجة له اليوم هو تشكيل لجنة ذات مصداقية – إن وجدت – للقيام بتحقيق شامل يضع النقاط على الحروف ويحدد المسؤول عن هذه الأحداث بشكل مباشر حتى تتم معاقبته بما يستحق، لكن للأسف الشديد ما دامت هذه الدولة تسير من طرف جماعة من المافيا همها الوحيد هو كيفية تحصيل كم أكبر من الأموال المنهوبة من خيرات هذا الوطن الذي ابتلاه الله بأفسد قادة عسكريين منذ أول انقلاب سنة 1978 تاريخ بداية النهاية لموريتانيا الدولة الوطنية فإن أي قطاع من هيئات ومؤسسات موريتانيا المختلفة ستظل تنتقل من كارثة إلى أخرى دون توقف.