في ال 4 من شهر فبراير الماضي أعلن الجيش الموريتاني عن قيام مناورات عسكرية ابتداء من 18 من نفس الشهر بمشاركة 19 دولة و أن مدينة كيفه هي إحدى النقاط التي ستنظم فيها هذه المناورات ، جاء ذلك في اجتماع دعا له العقيد الطيب ولد ابراهيم مدير الاتصال والعلاقات بالأركان الموريتانية في مباني ولاية لعصابه في ذلك التاريخ حضرته الصحافة المحلية وممثلو المجتمع المدني وعدد من الفاعلين.
وذكر العقيد في ذلك الاجتماع أن فوائد كثيرة سوف يجنيها سكان المناطق التي تنظم فيها هذه المناورات ، حيث سيقام بالكثير من الخدمات الاجتماعية في مجال الصحة والتعليم وتوفير فرص للعمل فضلا عن انعاش المجال السياحي والتجاري لهذه المناطق.
قبل بداية تلك المناورات طرد الجزارون وأغلقت مسلخة مدينة كيفه لقربها من منطقة التواجد العسكري وصارت جزارة المدينة تقام في أرض رملية قرب المقبرة في ظروف سيئة للغاية تتعارض تماما مع أبسط شروط السلامة ، وفي ذات الاتجاه تم تغيير الطرق التي تسلكها السيارات المتجهة إلى الجنوب وأصبحت مجبرة على اللف بعيدا مما زاد من التكاليف وضاعف من متاعب الناقلين والمسافرين.
وداخل المدينة تعكر الجو العام وانحصرت انسيابية المرور نظرا لحركة القوافل العسكرية والأجانب في الكثير من الأوقات، وفي مداخل المدينة كان الوضع أكثر تعقيدا ، وفي عدة مرات كاد الرصاص ينهي حياة مواطنين يقتربون من النقاط المحظورة جهلا منهم بالوضع الجديد.
انتهت المناورات و لم تجد الصحافة – على الأقل المستقلة منها – أي خبر عما يجري عكس ما وعدت به في اجتماع العقيد.
انتهت المناورات ولم يشعر أي مواطن بأي اثر إيجابي أحدثته على حياته ، لم يبنى قسم دراسي واحد ولم يشيد أي مرفق صحي ولم ينظف أي شارع ولم نسمع عن اكتتاب عمال , التجار وأصحاب البقالات والفنادق لم يلاحظوا زيادة في مبيعاتهم لأن العسكريين جاءوا بالكثير من احتياجاتهم من خارج المدينة.
صحيح أنه تم توفير 3 ساعات من الاستشارات الطبية في مجال أمراض العيون بمركز حاسي االبكاي الصحي وزع خلالها شيء من النظارات ، وصحيح أيضا أن كميات كبيرة من المياه المعدنية المتبقية عن حاجة " النصارى" قد بيعت لبعض البقالات بأسعار مخفضة.
ليس جديدا على المواطن المسكين في هذه الأعماق أن يسال لعابه ويوعد بالكثير من المنافع والخدمات ثم ينتهي به الأمر إلى حلم جميل طاف به وهو نائم ، وليست هذه المرة الأولى ولا الأخيرة التي يكذب فيها على هذا المواطن ، والحقيقة الثابتة فقط أن أيقونة احتقاره متواصلة وأن رحلة عذابه ومعاناته مستمرة...!