الرأي المستنير:
إلى أين تتجه موريتانيا في ظل الحكم الحالي؟ هل هي متجهة إلى تعاطي مهدئات كالحوار تمكن ولد عبد العزيز من استكمال مأموريته الرئاسية؟ أم هي منجرفة نحو تنامي الاحتجاجات وصولا إلى حالة من الثورة والغليان تؤسس لمرحلة جديدة؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: بعد الشكر المستحق لموقعكم أو أن أقول إن موريتانيا في ظل الحكم الحالي تعيش وضعا صعبا وتأزما على كافة المستويات، ولا يلوح في الأفق أن النظام يدرك ذلك أحرى أن يتصور له حلولا، بل من الواضح أن الطريقة التي تسير بها البلاد تفتقد العدل والاستقامة كما تفتقد الحكمة والمرونة.. أما الحوار فجاءت نتائجه مخيبة للآمال، حيث تجاهلت قضايا الإصلاح السياسي والتعديلات ذات القيمة على الدستور واكتفت برتوش وإضافات في المجال الانتخابي والإعلامي لا تبشر تحضيراتها ولا أوضاع القطاعين المعنيين بها.. إذا الوضع صعب فالمؤشرات مقلقة ومبشرات الانفراج السياسي ضعيفة جدا، ولذلك لا غرو أن نشهد تنامي الاحتجاجات واتساعها في مختلف القطاعات وفي عدد من المدن، فالمنطق الاحتجاجي أصبح واقعال حقيقيا في البلد.
الرأي المستنير: هل انتهى دور المعارضة الناصحة وبدأ عهد المعارضة الجامحة التي تريد القطيعة مع ممارسات العهود المظلمة؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: المعارضة الناصحة موقف أملته ظروف معينة وأهمية إعطاء وقت وفرصة بعد أزمة طالت قبل رئاسيات 2009، أما وقد تبينت حقائق النظام وتكشف فساده على نطاق واسع وتمت الإساءة لمصالح البلاد الداخلية والخارجية وبالتالي كان طبيعيا أن ترتفع أصواتنا وتشتد معارضتنا ونتحمل مسؤولياتنا في معارضة ديمقراطية جامحة تقطع مع الظلم والفساد والاستبداد وتفتح الآفاق لدولة العدل والحرية والديمقراطية.
الرأي المستنير: حين ننظر إلى فسيفساء المشهد السياسي نتصور أنكم في حزب تواصل محصورون بين إسلام طرقي تقليدي محافظ وإسلام جهادي متطرف وأنكم تتلمسون طريقا آخر لا تتحكمون في محدداته، فأين أنتم من كل هذا وذاك؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: نحن حزب سياسي ذو خلفية فكرية ينظر بتوازن لكل مكونات المشهد الإسلامي في البلد نضيف لأهل التصوف والفروع منزعا من التجديد والمعاصرة يقتضيه العصر وتحدياته، نحاول أن نوازي صلاح القلوب بترشيد العقول، وتمنعنا وسطيتنا واعتدالنا من الالتقاء مع جماعات العنف التي تميل إلى التشدد والغلو... نرى فيما يشهده العالم من حولنا تأكيدا على سلامة هذا الخط ونجاعة منهج التجديد والوسطية والتوازن.
الرأي المستنير: داخل حزب تواصل هنالك حساسيات متعددة منها الإخوان المسلمون ومنها السلفيون ومنها أصحاب الدعوة والتبليغ ومنها فلول شبه ليبرالية علمانية خيبت أحزاب أخرى آمالها فالتحقت بحزبكم بحثا عن بديل سياسي... هل تتوفرون على آلية أيديولوجية فعالة لصهر كل هذه المكونات؟ ولأن الشيء مع الشيء غيرهما فما هي مخرجات الانصهار الإسلامي لكل هذا الخليط الذي لا يفتأ يتشكل؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: قد لا يكون هذا التصنيف والتوصيف دقيقين.. فحزب تواصل حصاد سياسي للاتجاه الاسلامي الوسطي أسسه ليكون إطارا مفتوحا لا يحده إلا المرجعية الإسلامية منطلقا والانتساب الوطني صفة والخيار الديمقراطي توجها، ويمكن القول في هذا السياق إن الطرح السياسي للإسلاميين تجاوز صورة نمطية سادت عنه –بفعل خصومه وبفعله هو أحيانا- فترة طويلة وأصبح مهيئا للاستيعاب والتنسيق والانفتاح.
الرأي المستنير: ما تقييمكم لأوضاع موريتانيا الحالية ؟ وما هي وصفتكم السياسية لإخراج البلاد من أزمتها المتصاعدة؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: لقد اصدرنا منذ حين وثيقة أسميناها: "إصلاح قبل فوات الأوان" ضمناها تشخيصا للحال وأهم معالم الوصفة التي نقترحها.. خلصنا فيها إلى تدهور الأوضاع وأحادية النظام وارتباك خياراته ورأينا ضرورة الشروع في إصلاح عميق يعيد بناء الدولة على أسس جديدة وعلى ضوء مراجعة دستورية توازن بين السلطات وتنزع نحو النظام البرلماني الذي يخفف تغول الدولة ويحد من مخاطر النظام الرئاسي ذي القابلية للاستبداد في مثل هذا النوع من المجتمعات.. وافترضنا جملة من الإجراءات لحماية الوحدة الوطنية والقضاء على الرق وكافة مخلفاته والتحسين من الحالة الاقتصادية والاجتماعية.
الرأي المستنير: كيف تنتخب قيادة تواصل؟ وهل هنالك تناوب على مستوى قيادة الحزب؟ وكيف يتم إنفاذ الشورى؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: رغم حداثة العمر القانوني لحزب تواصل بالمقارنة مع الأحزاب الأخرى فقد حرص أن يعقد مؤتمره الأول قبل اكتمال سنة على تأسيسه وكان مؤتمرا تمثيليا حضره مندوبون منتخبون من كافة أنحاء الوطن وانتخب بالاقتراع السري في جلسة علنية حضرها صحفيون مسؤوليه الرئيسيين (الرئيس ورئيس المجلس الوطني والأمين العام)، وهيئاته المركزية (المجلس الوطني والمكتب السياسي)، وقد ضمن الحزب في نظامه الأساسي أن مأمورية كل من الرئيس ورئيس المجلس الوطني والأمين العام هي أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة..
ويستعد الحزب الآن لعقد مؤتمره الوطني سنة 2012 محترما الآجال الدستورية للانعقاد وتجديد القيادات، ومن ناحية ثانية تأسست منظمتان موازيتان للحزب هما المنظمة النسائية "نساء الإصلاح" والمنظمة الشبابية "المنظمة الشبابية للإصلاح والتنمية"، وعقدت كل منهما حتى الآن مؤتمرين أحدهما تأسيسي في البداية والآخر أول بعد اكتمال 3 سنوات على التأسيس وجددت المنظمتان قيادتيهما.
الرأي المستنير: من يمول النشاطات الحزبية؟ وكيف تعبأ الموارد؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: هذا أمر يعرف صعوبات حقيقية خصوصا أن حزب تواصل لا يستفيد من دعم الدولة لأنه تأسس بعد انتخابات 2006 ومنتخبوه سبقوه ترشحوا مستقلين ابتداء.
ويعيش الحزب على موردين رئيسيين: أما الأول فهو اشتراكات أعضائه في العاصمة والداخل وفي الجاليات الموريتانية في الخارج وقد عودنا إخواننا وأخواتنا على درجة عالية من البذل والعطاء.. والمورد الثاني هو الإعانات النوعية التي يقدمها بعض الأطر والتجار من محيط الحزب ومن خارجه أحيانا ولا يزال هذا المورد ضعيفا بالنظر لمحدودية هؤلاء.. وعموما يحرص الحزب –الذي عاش أزمات مالية متعددة خلال هذه الفترة- على ترشيد نفقاته وتسديدها.
الرأي المستنير: خطابكم خطاب إسلامي وسطي سمته الاعتدال، ما هو الثابت والمتغير في هذا الخطاب؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: نعم اختيارنا هو الخطاب الإسلامي المعتدل الذي يجمع بين الأصالة والتجديد وبين المبدئية والوسطية ثوابته التزامه بمرجعيته، مراعاته لخصوصية البلد وثقافته تفاعله مع قضايا العصر ومقتضياته.. أما متغيراته فالموقف السياسي تهدئة أو تصعيدا استقلالا أو تحالفا، والخطاب السياسي ونمط تعاطيه وطرائق أساليبه... إلخ.
الرأي المستنير: الثورات العربية أخرجت الحركات الإسلامية من عهود "التقية السياسية" إلى عهد ممارسة الحكامة والسلطة، هل تعتقدون أن الإسلام السياسي هو الحل؟ وما هو العاصم من أن تشكل إكراهات السلطة عامل خيبة أمل يعيد الإسلاميين إلى مصاف الحركات "المجربة" التي أخفقت على مدى قرنين في رفع التحديات السياسية والبنيوية والتنموية الكبرى على مستوى العالمين العربي والإسلامي؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: أنا من المقتنعين بأن الإسلام هو الحل ومن القائلين بأن هذا الشعار يحتاج تحديدا وتفصيلا وتدقيقا.. وأتصور أن الحركات الإسلامية قادرة على القيام بدور في تجسيد هذا الشعار بناء على اجتهاداتها وتقديراتها التي تحتمل الخطأ والصواب..
من هنا فإن الحركات الإسلامية تواجه اليوم تحديات حقيقية وامتحانا قد يكون أشد من امتحان المحن والابتلاءات في المرحلة الماضية. صحيح أن مرجعيتها ونزاهة واستقامة كثير من عناصرها ومستوى الآمال التي تدرك أنها معلقة عليها أمور تساعد على النجاح وتدفع إلى الحرص عليه ولكنها مع ذلك تحتاج أن تقدر حجم التحدي، فالسلطة شيء غير المعارضة وإدارة شؤون الناس شيء غير التبشير بالخيارات ومواجهة إكراهات السياسة الداخلية والخارجية شيء غير المواقف النظرية والخلاصات السهلة... أتمنى أن لا تفشل الحركات الإسلامية وأقدر قدرتها على النجاح، والخوف مشروع، والإسلاميون في النهاية بشر يخطئون ويصيبون وأحزابهم أحزاب تنجح وتفشل تصعد وتهبط.
الرأي المستنير: بنشوة الربيع العربي الإسلامي بدأتم ترفعون سقف طموحاتكم السياسية، هل أنتم مستعدون مقابل ذلك لدفع الثمن الذي دفعه نظراؤكم في ساحات الثورات الأخرى؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: أتصور أننا في هذه البلاد كغيرها من التيارات الإسلامية دفعنا ثمنا إن كان الثمن يعني المضايقات والاعتقالات والمنع من الحقوق وحجب الشرعية، وعموما فإن ارتفاع سقف ما سميتموه "الطموحات السياسية" مبرر بالنظر للتطورات من حولنا وعندنا، المهم أن يكون ذلك بعقلانية ومسؤولية وتوازن وأن يكون في إطار فلسفة للشراكة الوطنية والعمل مع الآخرين.. وقد أعجبني الأداء التونسي في هذا السياق.
الرأي المستنير: تلعبون دورا فاعلا في منسقية المعارضة، كيف تقيمون أداءها؟ وكيف تستشرفون مستقبلها؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: أتصور أن منسقية المعارضة بدأت تحركا سياسيا سيعطيها ألقا كانت تحتاجه، وعموما عانت هذه المنسقية كما عانت قبلها المؤسسات الشبيهة التي تجمعت فيها المعارضة في فترات سابقة من نواقص وأمراض، كثيرا ما أعاقتها وحدت من نتائج عملها وأملي –والمؤشرات تشجع ذلك- أن انطلاقتها الجديدة بعد مهرجان الغضب الشعبي (14/12/2011) والذي ستعقبه جملة من الفعاليات وأنماط من الأداء، ستكون مناسبة لأن تتعافى هذه المؤسسة وتصبح عند آمال وطموحات الشعب الموريتاني في تطلعه لدولة العدل والحريات.
الرأي المستنير: يقال إنكم رغم المقاطعة تحضرون للانتخابات البلدية والنيابية القادمة، وتعتبرونها فرصتكم التاريخية لتحقيق مكاسب سياسية، هل ستشاركون فيها دون قيد أو شرط؟ أم هنالك شروط تمثل الحد الأدنى للمشاركة؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: كما أعلنا أكثر من مرة في تجمعاتنا ولقاءاتنا السياسية فإننا نستعد للانتخابات القادمة تعبئة وحشدا فإن شاركنا كان ذلك بقوة وفعالية وإن قاطعنا كان لمقاطعتنا أثرها البالغ.. وعموما لا تقتضي مقاطعة الحوار وانتقاد مخرجاته مقاطعة الانتخابات القادمة بالضرورة.. وهيئات الحزب المختصة ستنظر في الموضوع في وقته وسينسق الأمر مع إخواننا في المنسقية.
الرأي المستنير: تجري مياه كثيرة تحت وحول جسور الموالاة والمعارضة، ما هو مصب هذه المياه؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: البلد يعيش مقدمات جفاف بدأت آثارها الخطيرة، وبالتالي فالمياه محدودة وشحيحة، أما جفاف الموالاة فأشد وهو جفاف يعكسه خطابها السياسي وارتباك صفوفها وتوالد عناوينها على نحو فوضوي عبثي لا تخطئه العين وبالتالي فلا مياه ثم... أما على مستوى المعارضة فأرجو أن يكون مصب مياهها اتجاه التغيير والاصلاح، وأن تكون هذه المرة صارمة في ذلك لا تربكها الحسابات الانتخابية العابرة ولا التقديرات الذاتية التي عادة ما يستفيد منها الحريصون على النمط القائم في لعبة السلطة.
الرأي المستنير: هل لديكم تصور محدد للتعاطي مع محن الجفاف وغلاء المعيشة والبطالة، خاصة بطالة حملة الشهادات؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: لقد أعلنا في الماضي أفكارا واقتراحات ضمناها وثائق أصدرناها حول هذه المواضيع أو أهمها، كما تناولنا في مناسبات برلمانية وحزبية مآخذنا على السياسات الحكومية وما ينبغي فعله، ولعل المساءلة الأخيرة للنائب السالك ولد سيدي محمود لوزير التنمية الريفية واضحة في هذا السياق..
ومع ذلك فالحزب سيتقدم إن شاء الله قريبا برؤية أكثر وضوحا وتفصيلا وتنزيلا حول هذه القضايا وغيرها.
الرأي المستنير: تتنامى الحركات الاحتجاجية مطالبة بإلغاء مخلفات الرق وبتعليق إحصاء الحالة المدنية وبفتح ملفات الإرث الإنساني وبوقف مصادرة أراضي الكزرة وغيرها، كيف تتعاملون مع هذا الزخم الاحتجاجي المتصاعد؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: هذا الزخم مظهر صحي، ومطالبه غالبا ما تكون مبررة وواردة... فالمطالبة بإلغاء كافة وقائع الاسترقاق ومخلفاته واردة ومطلوبة، والمطالبة بحماية الوحدة الوطنية وإيقاف المسلكيات الاستفزازية لعناصر من السلطة واردة ومطلوبة، والمطالبة بتسوية ملف الإرث الإنساني على نحو يحقق العدالة ولا يضر الألفة واردة ومطلوبة.. والدفاع عن حقوق سكان الكزرة والمتضررين من غلاء الأسعار وضحايا ظلم الإدارة وحيف النظام وارد ومطلوب، واستحضار هموم إخواننا العائدين من ساحل العاج وليبيا والإمارات وغيرها مطلوب ومؤكد...
ما ضاع حق وراءه مطالب وهذه الروح الاحتجاجية علامة خير وعافية وحقها على الجميع هو الدعم والإسناد.
الرأي المستنير: في موريتانيا كل شيء معروض للبيع، هل تتصورون حدودا فاصلة بين التجارة والإمارة؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: حضرت محاضرة سابقة للمرحوم الدكتور جمال ولد الحسن في جامعة انواكشوط حول تطور صورة المستعمر في الذهنية الموريتانية عبر عن إحدى مراحلها بـ:
تجارة الإمارة وإمارة التجارة
وأستحضر اليوم هذا المعنى.. وأتذكر أن أول الخلفاء الراشدين حينما هم بعد بيعته بالذهاب إلى السوق تاجرا اعترض الصحابة: كيف تفعل وقد وليت أمر المسلمين؟ فتساءل: من أين أطعم عيالي؟ فقالوا: نفرض لك نصف شاة..
نعم أزمتنا اليوم أن منطق التجارة والربح أصبح المسيطر على سلوك الدولة ومشاريع الدولة وصفقات الدولة وعلاقات الدولة وتفاصيل عمل الدولة.. وحين يصبح ذلك سائدا فعلى العدل والشفافية والاستقامة السلام.. أنصح الحكام القائمين على النظام بقراءة سيرة العمرين: عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، حتى يدركوا الحدود الفاصلة بين التجارة والإمارة، وبين من يعطي نفسه للمصالح العامة ومن يريد العامة لمصالحه الخاصة.
الرأي المستنير: ما هي الحدود الفاصلة بين الجهاد والإرهاب؟ وهل هنالك آلية اصطلاحية لفك ارتباط المفهومين في ذهن الآخر؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: الجهاد مبدأ شرعي هدفه الرئيسي حماية الدين ورفع الظلم ومنع الفتنة وليس اعتداء على آخر ولا فرضا لدين.. قواعده معروفة وأحكامه مشهورة.. أما الإرهاب فاعتداء وتجاوز سواء كان إرهاب الدول كما يمارسه الكيان الصهيوني ومارسته الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، أو إرهاب أفراد كما تمارسه جماعات العنف والتشدد والغلو مسلمة كانت أو غير مسلمة.
الرأي المستنير: لو طلب منكم أن تقترحوا 10 إجراءات ملموسة لإخراج البلاد من حالة الانسداد السياسي والتنموي، ماذا ستقترحون؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: قد أقترح بعضها ولست متأكدا أنها ستصل عشرا:
الشروع في إصلاح دستوري يقطع مع الأحادية ويتجه بالبلاد نحو نظام ديمقراطي حقيقي أفضل أن يكون برلماني الطابع.
تنظيم مسار انتخابي متكامل ينتهي بالقطيعة مع حكم العسكر ويفتح الفرصة الحقيقية للموريتانيين لاختيار من يحكمهم وبما يحكمون.
تنظيم حوار وطني حول الاشكالات الرئيسية والقضايا الكبرى للبلد للخروج بخلاصات تحفظ الوحدة وتقطع مع الاسترقاق وممارساته ومخلفاته وتضمن –على نحو صارم ومسؤول- التعامل الناجع مع مختلف الملفات العالقة.
ولا شك أن الإجراءات السياسية إن كانت ستصبح مدخلا لغيرها من الإجراءات ذات الطابع الاقتصادي والتنموي والديبلوماسي..
وعموما فمع هذا النظام ومع سلوكه ونمطه في إدارة الشأن العام من الصعب تصور هذه الإجراءات الإصلاحية الجوهرية.
الرأي المستنير: بدل تفعيل اتحاد المغرب العربي بدأ الحديث عن بعث اتحاد الغرب الإسلامي، ألا يكمل هذا ذاك؟ وأيهما المنطلق نحو الآخر؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: اتحاد المغرب العربي مؤسسة لصالح الشعوب أربكتها حسابات الأنظمة والمطلوب مع هذه الهبات الشعبية وهذه التحولات السياسية أن تستعيد حيويتها ودورها..
أما الغرب الإسلامي فمصطلح تاريخي يفيد كثيرا أن نستعيده ونستعيد معناه.. ولا يعود ذلك بالنسخ على المغرب العربي، وكما تفضلتم يتكاملان ولا يتعارضان.
الرأي المستنير: نود أن تستشرفوا لنا سنة 2012 على المستوى الوطني... على ماذا نحن مقبلون؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: نرجو أن تكون سنة 2012 سنة خلاص سياسي نقطع فيها مع الأحادية ونصبح خارج الاستثناء، (البلد الوحيد الذي يحكمه العسكر)، وأن يصبح عندما حكم المؤسسات لا أوامر الأشخاص ورغباتهم، وواثقون أن النضال السياسي والقوي والمسؤول والسلمي والفعال كفيل إن شاء الله بتحقيق ذلك.. أملنا أن تكون موريتانيا 2012 متصالحة مع ذاتها حكمها ديمقراطي تنميتها صاعدة لا مكان فيها للفساد (ولو رفع ممارسوه شعار محاربته) ولا الاستبداد.
الرأي المستنير: ما هو آخر كتاب قرأتموه؟ وهل تمارسون أية رياضات ذهنية أو بدنية معينة؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: من آخر ما قرأته كتاب "مراجعات" للدكتور أحمد الريسوني، وكتاب "قصة زعيم" عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وكنت أعاود القراءة في كتاب الدكتور محمد عابد الجابري رحمه الله "العقل السياسي العربي: محدداته وتجلياته"، وأحيانا أمارس الرياضة البدنية التي عادة ما تقطعها الانشغالات والبرامج، أهتم بقراءة الجديد عموما وبعض الدوريات.
الرأي المستنير: هل لديكم مواقف محددة من تعدد الزوجات ومن ممارسة ما يعرف شعبيا بالزواج السري؟ وهل هنالك توجيهات لمنتسبي ومنتسبات الحزب بشأن تبسيط إجراءات الزواج وتقليص المهور؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: أما إجراءات تبسيط إجراءات الزواج وتقليص المهور وتسهيل الحياة الاجتماعية على الناس فأمور مرغوبة ينبغي التشجيع عليها.. أما تعدد الزوجات فاستوقفني تعليق الأستاذ فهمي اهويدي على تصريحات رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا عن هذا الموضوع حينما قال (أي فهمي) إن الثورات جاءت من أجل الحريات وليست لغرض تعدد الزوجات.
الرأي المستنير: ما هي الآفاق المفتوحة أمام موريتانيا وما هو خياركم لها؟ وكيف تستشرفون مستقبلها تأسيسا على ذلك؟
الرئيس محمد جميل ولد منصور: لعل في الإجابات السابقة بعض الكفاية، وعموما تستحق موريتانيا وضعا أفضل نحن في تواصل مستعدون مع القوى الوطنية والديمقراطية بأن نسهم في صناعة هذا الوضع والقطيعة مع حال لم يعد أحد يشك في انحرافه وفساده واستبداده.