تستعد ولاية لعصابه لاستقبال مبعوث جديد لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في أول اتصال مباشر بمنتسبيه بعد الموسم الانتخابي الماضي، وهو الحدث غير الجديد على هذه الولاية المحتجزة من طرف أحزاب السلطة منذ أول نسخة منها مع حزب الشعب ،مرورا بلجان العسكر وهياكل التهذيب وصولا إلى زمن التعددية الشكلية التي جاء بها العسكر.
لقد هيمنت هذه الأحزاب على الساحة السياسية بولاية لعصابه دون أن تبذل أي جهد أو تدفع أي ثمن؛ ذلك لأنها تنتهج أسلوبا واحدا هو تجييش المشاعر القبلية واستنفار الزعامات التقليدية وطبقات الأغنياء والتجار وقطيع الأطر المتسلق مع السلطة، وهي الوسائل الكافية لسوق الشعب البريئ إلى صناديق الاقتراع وملئها تحت نزوات العواطف في غياب تام للعقل والتفكير.!
لقد أدى ذلك الفشل السياسي إلى قيادة هذه الولاية من طرف غير الأكفاء وممن هم خارج دائرة المخلصين والنزهاء الذين رمت بهم القبائل من أجل تحقيق الفوز فقط، وإحلال الهزيمة بالخصم المحلى ؛ومن أجل هذا الهدف وحده تدور المعركة السياسية منذ الاستقلال لتفرز منتخبين متحررين من أسباب المساءلة لأنهم فرضوا من طرف العشيرة بمباركة الدولة ؛ لذلك هم غير مسؤولين أمام الشعب الذي أضاع قيمة صوته رغم أنه سلاحه الوحيد للعقاب والجزاء.
إن أحزاب السلطة قد جعلت نصب عينيها فقط الطريق الضامن لأصوات السكان مهما كان ذلك مدمرا لقيم الجمهورية ومفككا لوحدة المجتمع ووئامه.
وليتم الإجهاز على بقية الأحزاب الوطنية والتنظيمات المدنية والقوى الحية بالمجتمع وبالتالي بقاء الساحة السياسية خالية للأحزاب الحاكمة تعمد الحكومة إلى حرمان كل هؤلاء من أي منصب أو مكسب ذي قيمة مما يضعف هذه الكيانات وينفر منها المواطن الذي بات يشعر بأن الخارج عن أمر السلطة مغامر وأحمق بل خائن، مارق.!
ونظرا للوضعية السيئة هذه لم يستطع المواطنون بهذه الولاية الكبيرة أن يتجاوزوا ذلك الوحل الآسن اتجاه خلق تضامنات اجتماعية تفضي إلى تحقيق مصالح مشتركة يعود ريعها للجميع وتعيد كرامة الإنسان وترسخ أركان الدولة، فظل الناس هناك رعية لا مواطنين، لا ينظرون للشأن العام بأكثر ما يعكسه إلى القبيلة والحلف من انتصارات انتخابية وهمية لم تجلب غير الفقر والتخلف وتمزيق عرى الأخوة والتضامن.
إنه من المفارقة العجيبة والمدهش حقا أن الأحزاب الحاكمة في هذه الولاية لا تحتاج لاتخاذ مقر ،وإصدار بيان أو تنفيذ أي نشاط جماهيري مهما كان تافها، وهي غائبة بشكل مطلق عن مشاركة الناس في همومهم لذلك لا يمكنك أن تشعر بوجودها قبل الحملة.!
اليوم يحل مبعوث UPR الذي تنكر لمؤسسه الرئيس السابق كما فعلها أجداد له مع ما سلف من رؤساء، وسيكون محل حفاوة وترحيب ،وستلغي القبائل بكل ثقلها لتريه كل واحدة أنها صاحبة العدد والأرض والسماء، وستظل المشكلة الكبرى للنظام دوما هو مدى قدرته على استيعاب هذه القبائل الهائجة التي تسعى إلى التعيين في المناصب والحصول على مختلف الامتيازات والفوائد.
سندور من جديد حول تلك البكرة كيلا نغادر دائرة الجوع والمرض والجهل، ولكي نبق مهزلة المنطقة كلها وموضوع تندر وتهكم الجيران.
أكثر من 60 عاما من الاستقلال وغالبية سكان ولايتنا يريدون فقط شربة ماء صاف لا تتوفر، وحجرة درس غير مقعرة لا يحصلون عليها ،ودواء للسعة عقرب أو ضربة شمس أو ملاريا منعدم نستعيضه بمشورة طبيب تقليدي أو زيارة "حجاب".
سوف يلعب بنا هذا الحزب مجددا ، فيجهز على القليل الذي تبقى من وجودنا ؛لن نستفيد أبدا من تجارب الماضي، ولن نأخذ مما مر بنا من مآس أية عبر أو دروس.!!