هرع سكان مدينة كورجل في الهزيع الأخير من الليل من أجل التحضير لزيارة مفاجئة لوزير التهذيب الوطني رفقة ممثل برنامج الغذاء العالمي بموريتانيا فبنوا الخيام وضربوا منصة الاجتماع في وقت قصير. !
وفي الصباح وصل الوفد، حيث باشر التحرك بين الأقسام المتهالكة حيث يجلس عدد كبير من التلاميذ على الأرض لانعدام الطاولات، وحيث يدرس معلمون غاضبون من تصريحات هذا الوزير، ناقمون أصلا من وضع مزر يتحرك حثيثا من الكارثة إلى المأساة. !
الوفد وقف على الأطفال وهم يرتشفون حساء أعد على عجل. إنه انطلاق ما سمي بالبرنامج الوطني للتغذية المدرسية، وهو البرنامج الذي لا يحمل جديدا لا في الكيف ولا في الكم ؛فقد توقفت الكفالات المدرسية منذ سنوات قليلة عن كثير من المدارس واليوم تعود؛ وهو الأمر الذي لا يستحق هذا الضجيج.
كانت صدمة الأهالي كبيرة حين تعرفوا على أهداف الزيارة؛ لذلك بادروا بتقديم مطالبهم العاجلة لإصلاح مدرستهم. إنهم ليسوا بحاجة إلى الحساء فالمثل الحساني القديم يقول "ال عيشت أنش أمش".
لقد أهانت هذه الزيارة الصغار بتصويرهم وهم يتناولون ذلك الحساء في أكواب على حصير بال، وهم فلذات أكباد أناس ينفقون عليهم مما رزقهم الله مما هو أفضل من الحساء.
سيكتب التاريخ أن إصلاح التعليم بالمدرسة الجمهورية في العهد الجديد بدأ بالحساء في حجرات خربة تفتقد كل شروط الجدية والمصداقية والأمل. !!