بعد أن أتخذ الصراع بين رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو ونظام ولد عبد العزيز منحى جديدا بصدور أول بيان موقع من طرف الرجل، باتت جميع الأنظار تتطلع إلى الخطوة القادمة في هذا الصراع، الذي توحي كل المؤشرات بأنه وكما خرج عن صمته في الأيام القليلة الماضية، قد يخرج عن طوره في الفترة القادمة.
ويكاد يكون من شبه المؤكد أن ولد بوعماتو حسم أمره وقرر خوض غمار السياسة، خاصة وأنه أطلق على بيانه الأخير "بيان مقاومة"، مما يعني أن الرجل أعلن بالفعل بداية معركته السياسية، للنيل من ولد عبد العزيز و نظامه.
وإذا كان من السابق لأوانه التنبؤ، بالموقع الذي سيختاره ولد بوعماتو لنفسه، وهل سيقفز إلى الواجهة أم أنه سيبقى في الكواليس ويكتفي بدعم المتواجدين حاليا على خشبة المسرح السياسي، إلا أن "الطموح" الذي يعتبر واحدة من أهم خصال الرجل، يدفع باتجاه الاعتقاد بأن ولد بوعماتو سيكون أحد الوجوه الهامة، التي ستنشط المشهد السياسي الوطني، خلال الأسابيع والأشهر القادمة.
وأما السؤال الكبير الذي سيطرح نفسه وبإلحاح خلال الفترة القادمة، فهو إلى أين سيصل ولد بوعماتو في طموحه السياسي ذاك؟، وهل يمكن أن يقوده ذلك الطموح إلى التفكير في خلافة ولد عبد العزيز على كرسي الرئاسة الموريتانية الهزاز؟ ومع أن الإجابة على هذا السؤال قد لا تكون متاحة في الوقت الحالي، إلا أن حظوظ ولد بوعماتو لن تكون قليلة إذا ما قرر يوما أن يجرب حظه على طريق الرئاسة. فالرجل، علاوة على الدعم الذي قد يتحصل عليه من الجارة المستاءة جدا "المملكة المغربية"، لديه علاقات متميزة مع عدد كبير من القادة السياسيين، على رأسهم رئيس الجمعية الوطنية ورئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير، كما أن له موطئ قدم لا يستهان به في الأوساط السياسية والمالية، التي كانت تؤيد نظام الرئيس الأسبق، معاوية ولد سيد أحمد الطايع.
وحتى إن توارت تلك "اللوبيات" عن الأنظار اليوم، إلا أن ظهور أية شخصية "كارزماتية"، قادرة على منافسة الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، قد يؤدي بقوى الدعم تلك إلى أن تطفو على السطح من جديد، مع ما تختزله من قدرة فائقة على الفعل السياسي. يضاف إلى ذلك أن ولد بوعماتو قد يستقطب أعدادا كبيرة من "المستائين" من نظام ولد عبد العزيز، والذين تكاثروا كالفطر مع مرور الوقت، سواء داخل الحزب الحاكم أو أحزاب الأغلبية أو القوى الداعمة الأخرى.
باختصار دعوة رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو لنفسه إلى نادي المترشحين لانتخابات الرئاسة المقررة في منتصف 2014، ستمثل هزة كبيرة في الساحة السياسية الوطنية، ستكون لها توابعها، وستخلط تلك الدعوة إن حدثت، الكثير من أوراق نظام ولد عبد العزيز، الذي هو بأمس الحاجة إلى ترتيب بيته الداخلي ونفض الغبار عن ملفاته السياسية، قبل حلول موسم الاستحقاقات الديمقراطية... الذي بات على الأبواب.
آراء حرة