كانت الفترة التي أفرزت مناديب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية فترة استثنائية ، شهدت سيطرة تامة لوزراء الرئيس السابق على الأوضاع السياسية في البلد ، و أنتجت برلمانا مواليا لهم في أغلبه ، و مؤتمرين لصالح تطلعاتهم ، و لم تكن نتائج المؤتمر الأخير تعكس الواقع السياسي للبلد بطريقة فعلية ، رغم أن اختيار رئيس الحزب تم اعتباره خطوة تؤسس لتصحيح وضعيته ، و تعطيه بعض المصداقية ، و تجعل من تم تغييبهم يشعرون بإرادة صياغته بطريقة مرضية ..
شكل اندماج بعض الأحزاب الصغيرة تركة كبيرة على الحزب ، إذ دفع بوجوه سياسية معروفة بماضيها السياسي غير المشرق و عدم حظوتها لدى الرأي العام ، فأثرت سلبا على الصورة المؤملة ..
و قد قام رئيس الحزب ببعض المعالجات المهمة في حدود صلاحيته ، كتصحيح بعض الأخطاء القاتلة ، كغياب بعض الشرائح من المنظمة الشبابية و المنظمة السياسية ، و عدم حضور مجموعة سياسية وازنة في القيادة ، فأصدر وابلا من التعيينات من المستشترين ، و هي مسألة، و إن فقدت ألقها و أصبحت محل تندر ، فقد وفرت حضورا و لو شكليا لبعض الغائبين ..
طوال هذه الفترة ، و رغم محاولات تحسين صورة الحزب ، ظلت مجموعة سياسيين ، وافدين و متجددين ، تقحم نفسها في قضايا الحزب ، متبنية حضورها في مركز القرار ، و موحية بقربها من الرئيس و قراراته ، تمارس دور مراكز القوى الذي يتظاهر بدوره في كل مجريات الأمور ..
تسريبات المستشار يحيى ولد كبد و النائب يحيى ولد الواقف أحيت الصورة المغيبة و انتزعت الدهانات ، و أظهرت واقع بعض القوميين المتحجرين ، و قد تخلصت منهم مجموعات الشباب المتنور ، و تركتهم في أتون الإيدولوجيا المتعفنة و الطائفية المحلية المتعصبة ، و كانت لغة التسريبات واضحة حول التبرئة لصديق و التخفيف عن حليف و فوات الأوان على آخر ، و في نظري أن واجب الحزب كان هو التنديد بما ورد في هذه التسريبات من تمييع التحقيقات البرلمانية و تحويلها إلى مهزلة عند الرأي ، لا إقالة مستشار للرئيس لأنه استنكر هكذا تصريحات و اعتبرها كاشفة لفساد مستشر في الساسيبن يجب اقتلاعه ، و ليس الانصياع لتصفية حسابات محلية و طائفية معروفة عند الموريتانيبن حول صراعات السياسة في مقطع لحجار ..
أظهرت التسريبات و ما أعقبها من تصريحات أن الإعلام في الحزب غائب تماما ، و أن التوجه السائد بيد المتحجرين الساعين لكبت الحربات ، فقد ظل الحزب حبيس أعمال إدارية و مونولوجات معروفة ، و غاب دور تنوير الرأي العام الوطني حول البرنامج الحثيث لرئيس الجمهورية نحو التنمية ، و انحسرت تصريحات السياسية في أحاديث الصالونات سرا و تبربرها علنا ، دون وضع استراتيجية واضحة تظهر الدور المنوط بالحزب .. ما على قيادات حزب الانحاد من أجل الجمهورية أن يفقهوه هو أن المفاهيم التقليدية للإيدولوجيا يجب أن تغيب ، فلا مجال للناصرية و لا البعثبة و لا الحركات ذات الطابع الشرائحي ، فالدول لا يمكن ان تبنى بكانتونات متصارعة ، و إنما بأفكار جامعة، و التضييق على أصحاب الرؤى المستقبلية لا يخدم برنامج الرئيس و تطلعاته لإصلاع الديموقراطية و الحياة الاقتصادية و الاجتماعية للبلد..
أستطيع أن أفهم عن رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية فصله لمستشار له ، فهي صلاحيته و هو أدري بتقديره للأمور في محيطه الإداري ، لكنني لا أفهم تصاممه عن استهداف واضح من أصحاب التسريب للرئيس برميه بالضعف ، و وزير الداخلية بالتقصير ، و برلمان الجمهورية بالتلاعب بالتحقيق ، ثم استجابته لهم بفصل مستشاره بسبب استنكاره لتصريحاتهم ..