في البدء كان شهر عسل، ثم تلت ذلك أيام بطعم البصل، لكن ما بين سطور "البيان رقم 1" يفضح نذر زمن آخر قادم، أقل ما يمكن أن يقال عنه هو أنه سيكون أمر من الحنظل... "هذا فراق بيني وبينك"، قالها كلا الرجلين لصاحبه، دون أن ينبئه ب"ما لم يستطع عليه صبرا". وأما الخلاصة فهي أنه كما جمعتهما السياسة ذات يوم، ها هي ذي السياسة نفسها، تعود لتفرق بينهما اليوم. وكما كان لولد عبد العزيز "بيانه رقم 1" ذات يوم، ها هو ذا ولد بوعماتو يصدر "بيانه رقم 1" اليوم، وتلك بداية صراع مرير ، حتى وإن بدت واجهته اقتصادية جدا، إلا أنه لا يخلو من "دخن السياسة" وأي دخن.
أسئلة كثيرة تزاحمت في اليوم التالي لصدور بيان ولد بوعماتو ، لماذا اختار الرجل هذا الوقت بالذات ليصدر بيانه ذاك؟، وهل أراد ولد بوعماتو من خلال البيان أن يهش عن بنكه فقط؟،، أم أن له فيه مآرب أخرى؟
بصراحة كان يمكن لولد بوعماتو أن يوصد أبوا ب "بنك موريتانيا العام"، دون الحاجة إلى بيان، بل كان يمكن أن يصدر ذلك البيان باسم الإدارة العامة للبنك، وهكذا يبقى الرجل في الظل كما فضل حتى الأمس القريب.
لكن ولد بوعماتو أختار أن يوقع باسمه بيانا، لا يخلو من وخر بالإبر وعض للأصابع ووعيد بما هو آت، مما يؤكد أن ولد بوعماتو، خرج عن صمته مع سبق الإصرار والترصد.
ولأن هذا كله يحدث وسط أجواء سياسية ضبابية، تتميز بتصاعد الاحتقان بين النظام والممانعين، وإعلان اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات عن "موعد باهت" لتنظيم الاستحقاقات القادمة، ونفق سياسي ما زال يرفض أن يفصح حتى الآن، ولوعن بصيص نور في نهايته، يمكن القول وبكل ثقة، بان بيان ولد بوعماتو رغم ما يحمله من أرقام وحديث ذي شجون عن الاقتصاد، إلا أنه سياسي بامتياز.
وما يعزز غلبة النزعة السياسية على غيرها في ذلك البيان، هو أن كلمة "النظام" ورد ذكرها في النص أكثر من مرة، وكأن الرجل أراد أن يعلن على الملأ انضمامه لمعسكر المناوئين لذلك النظام، وأن الصراع بينه والنظام، خرج من باب الاقتصاد إلى غير رجعة، ليدخل وبسرعة من باب السياسة الواسع.
"...أنا مصمم على أن القانون والشجاعة ونكران الذات ستنتصر على الجشع الجبن. ولمن لديه شك في هذا، فأنا عنيد ولا أستسلم.. إذا هذا بيان مقاومة.. وإلى لقاء قريب.. ."
كان تلك الكلمات هي مسك ختام البيان...وهل بقي من السياسة شيء...بعد قول ولد بوعماتو هذا...بل وهل بقي من إعلان الحرب شيء؟؟؟.
آراء حرة