كتم الحاضرون أنفاسهم، تركزت العيون على اللواء عمر سليمان وهو يمسك الهاتف فى انتظار مكالمة رئيس الجمهورية الذى كان قد غادر لتوه إلى شرم الشيخ.. كان المشير طنطاوى يشعر بعبء الأزمة ومخاطرها، الجماهير مستمرة فى زحفها باتجاه القصر الجمهورى، والحرس الجمهورى فى حيرة من أمره، ومخاوف اقتحام القصر الجمهورى تتصاعد. بعد قليل بدأ النائب عمر سليمان حديثه مع الرئيس مبارك، شرح له الأوضاع وخطورتها، قال له إن الموقف الأمنى يزداد صعوبة ولا بد من البحث عن حل خوفاً من تردى الأوضاع وحدوث انفلات وفوضى عارمة. كان مبارك يظن أن قرار نقل اختصاصاته لنائبه يمكن أن يهدئ الأجواء، ويدفع المتظاهرين إلى العودة لمساكنهم. بدا الرئيس مندهشاً، بادر على الفور بالقول: وما الذى يمكن أن أقدمه؟ لقد تركت القاهرة وجئت إلى شرم الشيخ، لم تعد لى أى سلطة، السلطة انتقلت إليك. عمر سليمان: ولكن الأوضاع تزداد تدهوراً يا ريّس.. لازم نشوف حل. الرئيس: فيه إيه تانى؟! عمر سليمان: لأ، الوضع صعب جداً!! الرئيس: أنا قدمت كل ما عندى وفوضتك فى كل المسئوليات.. اتصرّف انت، البركة فيك. عمر سليمان: الناس رافضة التفويض يا ريس. الرئيس: ليه.. عاوزين إيه؟ أنا تركت كل حاجة وجيت على شرم الشيخ، إيه المطلوب منى أكتر من كده؟ عمر سليمان: الناس مش مقتنعة، وبتقول إن دى تمثيلية!! الرئيس: تمثيلية ازاى يا عمر، بالذمة ده كلام؟ أنا مش عاوز حاجة، أنا خلاص حارتاح من المسئولية والحكم ومشاكله.. اتصرّف انت!! عمر سليمان: أتصرف ازاى يا ريس؟ المتظاهرين بيرفضوا أى قرار وغير مقتنعين بأى كلام، افتح التليفزيون يا ريس. الرئيس: فيه إيه فى التليفزيون؟ عمر سليمان: الجماهير تزحف إلى القصر الجمهورى وتحاصره. الرئيس: طب والباقيين رأيهم إيه؟! عمر سليمان: هذا ليس رأيى وحدى، هذا رأى جماعى، أنا موجود وإلى جوارى الفريق أحمد شفيق والمشير طنطاوى والفريق سامى عنان، كلنا متفقين على هذا القرار. الرئيس: طيب إذا كان مفيش غير كده، ابعت لى التليفزيون واكتب الصيغة علشان أقولها فى خطاب قصير للناس. عمر سليمان: مفيش وقت يا ريس.. إزاى أبعت التليفزيون لشرم الشيخ ونظل منتظرين الأوضاع فى البلاد تتفاقم، وأنا خايف أحسن البلد تدخل فى بحور من الدم، أرجوك يا ريس عاوزين نخلص. الرئيس: إنت عارف يا عمر أنا ولا عاوز موت ولا عاوز دم، أنا سبت كل حاجة وجيت شرم الشيخ مش عاوز حاجة، بس قولى انت وضعك حيكون إيه بعد التنحى! عمر سليمان: أنا لا يهمنى حيكون وضعى إيه، المهم ننقذ البلد وبأقصى سرعة. الرئيس: طيب شوفوا الصيغة المطلوبة وقل لى وخلى بالك، لازم تدرسوها من الناحية الدستورية كويس، حتى لا تقعوا فى حيص بيص. عمر سليمان: إحنا هندرس الموقف من الناحية الدستورية وهاكلمك. الرئيس: وأنا فى الانتظار.
أبلغ اللواء عمر سليمان الحاضرين بتفاصيل ردود الرئيس التى كانوا يتابعونها بالقرب منه، قال لهم: الرئيس لم يعترض على شىء، الراجل خايف على البلد وكان متجاوب رغم قسوتى عليه!! كلف المشير طنطاوى اللواء ممدوح شاهين للاتصال بأحد كبار المتخصصين فى القانون والدستور والتشاور معه فى الصيغة الدستورية المناسبة.
كانت المادة 76 من دستور 71 تضع تعقيدات عديدة أمام ترشيح المستقلين لمنصب رئيس الجمهورية، فالمرشح يحتاج إلى تأييد 250 عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين بمجلسى الشعب والشورى، كما أنها تضع قيوداً على مرشحى الأحزاب واشترطت ضرورة أن يكون لكل حزب سياسى نائب فى البرلمان كى يكون له الحق فى ترشيح أحد أعضاء هيئته العليا، وكان يعنى ذلك حرمان غالبية الأحزاب من الترشح وفقاً لهذه المادة. أما المادة 78 من الدستور فقد نصت على بدء الإجراءات لاختيار رئيس الجمهورية الجديد قبل انتهاء مدة الرئيس بستين يوماً على الأقل.
أما المادة 189 فقد كانت تمثل عائقاً أمام إجراء التعديلات الدستورية بشكل سريع لأنها نصت على «لكل من رئيس الجمهورية ومجلس الشعب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر فى طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها والأسباب الداعية إلى هذا التعديل، ونصت المادة على أنه إذا وافق مجلس الشعب على مبدأ التعديل يناقش الطلب بعد شهرين من تاريخ هذه الموافقة» ثم يُعرض الأمر على الشعب للاستفتاء.
وكانت المادة 82 من الدستور هى الأخطر فى سيناريو الأحداث التى كانت تشهدها البلاد، فقد نصت هذه المادة على أنه «إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر نيابته عنه، ولا يجوز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو إقالة الحكومة».
لقد تدارس المختصون فى هذا الوقت هذه المواد الدستورية، وكان من رأيهم أن الرئيس وحده هو صاحب الحق فى إجراء التعديلات الدستورية، ولذلك وقّع مبارك على إحالة هذه العديلات إلى مجلس الشعب قبيل أن ينقل اختصاصاته إلى نائبه عمر سليمان، ولهذا السبب أيضاً تردد مبارك فى حل مجلس الشعب كواحد من مطالب الثورة على أساس أن المجلس ستوكل له مهمة تعديل الدستور حتى يجرى تعديل المواد التى تعوق إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة تخضع لإشراف قضائى وتزال من أمامها معوقات الترشيح.
كان مبارك يقول للمقربين منه فى هذا الوقت إنه إذا تنحى عن السلطة فلن تكون هناك إمكانية لإجراء التعديلات الدستورية إلا عبر رئيس الجمهورية أو مجلس الشعب وفقاً لما ينص عليه الدستور، ولذلك طلب إمهاله فترة من الوقت لحين إجراء هذه التعديلات ثم يجرى حل مجلس الشعب بعد أن يوافق عليها وبعدها يفتح الباب أمام انتخابات الرئاسة فى شهر يوليو المقبل، أى بعد خمسة أشهر من تاريخه. لقد أكد لى اللواء عمر سليمان أن مبارك لم يكن ضد إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، إلا أنه كان يقول: دعونا ننتهى من إجراء التعديلات الدستورية أولاً، ثم تجرى الانتخابات الرئاسية تحت إشراف القضاء ومنظمات المجتمع المدنى.
لم يكن أحد مستعداً أن يقرأ مثل هذه التفاصيل، كان هناك رأى عام يرفع شعاراً واحداً ووحيداً «ارحل» دون أن يفكر الناس حتى هذا الوقت فى من هو البديل؟! كان كل من يغامر برأى مخالف فى هذا الوقت يُتهم بالتخوين والمتاجرة بدماء الشهداء، وكانت عناصر الإخوان تحرض من خلف ستار لأنها تعرف أنها ستكون البديل الوحيد للنظام فى غياب وضعف القوى السياسية الأخرى، وكانت خطتها أن الجيش لن يستمر طويلاً فى الفترة الانتقالية، ومن ثم يجب الاستعداد بعد إسقاط النظام لتولى مهام السلطة فى البلاد عبر الانتخاب المباشر..
كان اللواء عمر سليمان يدرك هذه الحقيقة. لقد التقيته وتحاورت معه كثيراً أثناء إعداد كتابى «الجيش والثورة»، حيث كان يداوم على الذهاب إلى مستشفى وادى النيل عصر كل أربعاء خلال الفترة التى تلت سقوط النظام وحتى أيامه الأخيرة، وحكى لى تفصيلياً هذه الحوارات واللقاءات، وكان يتوقع منذ البداية وصول الإخوان المسلمين لحكم البلاد وإقصاء كل من يخالفهم الرأى وصولاً إلى السيطرة والأخونة الكاملة لجميع مؤسسات الدولة.
كان الرأى الدستورى الذى أُبلغ إلى الأربعة الكبار يقول: لا خيار سوى تنازل الرئيس عن السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة استناداً إلى مبدأ الشرعية الثورية، فهذا وحده الذى يمكن أن يمثل مخرجاً للأزمة، والمجلس الأعلى سوف يتولى بصفته الهيئة التأسيسية مهام السلطة التشريعية والتنفيذية فى البلاد لحين إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى وقت لاحق. كانت الصيغة التى جرى الاتفاق عليها تقول: «أيها المواطنون، فى هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد والله الموفق والمستعان». لقد كان ذلك هو رأى اللواء عمر سليمان منذ البداية، أن تسلم السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة استناداً إلى الشرعية الثورية.
بعدها على الفور أعاد عمر سليمان الاتصال مجدداً بالرئيس مبارك وقال له: كان أمامنا خياران: الأول: هو أن يقوم رئيس الجمهورية بتكليف د. فتحى سرور بصفته رئيساً لمجلس الشعب الحالى أو حتى رئيس المحكمة الدستورية العليا بتولى منصب رئيس الجمهورية لفترة مؤقتة ولمدة ستين يوماً كما يحدد الدستور وبعدها تجرى انتخابات الرئاسة وفقاً للدستور القديم، لأنه لن يكون هناك وقت لإجراء التعديلات الدستورية استناداً إلى المادة 189 من الدستور التى تشترط على مجلس الشعب مناقشة طلب التعديل بعد مرور شهرين من تقديمه، وهو ما يعنى أن تجرى انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة استناداً إلى دستور 71 والذى يعنى أن انتخابات الرئاسة ستجرى بالمواد الدستورية القديمة ذاتها التى تحول دون ترشيح المستقلين، وغالبية الأحزاب الأخرى فى ظل غياب الإشراف القضائى ودون تحديد مدة رئاسة الجمهورية. أما الخيار الثانى، وهو الصحيح، فهو تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، وهذا أمر غير دستورى ما لم يوافق الرئيس على منحه الشرعية الثورية. قرر مبارك الموافقة على الفور على الاقتراح الثانى لأنه يمثل الخروج من الأزمة، أما لو كان قد تنحى عن الحكم وأسند الأمر إلى رئيس مجلس الشعب فقد كانت البلاد سوف تمضى إلى أزمة عميقة، ذلك أن رئيس مجلس الشعب لم يكن فى سلطته إجراء التعديلات الدستورية أو اعتمادها أو مد الفترة التى سيتولى فيها منصب رئيس الجمهورية بما يزيد على الستين يوماً التى حددها الدستور. وقال مبارك لعمر سليمان: أنا موافق على تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، ولكن أرجو استبدال كلمة «تنحيه» عن منصب رئيس الجمهورية كما ورد فى البيان إلى «تخليه» عن منصب رئيس الجمهورية.
طلب مبارك من عمر ألا يذيع هذا البيان إلا بعد مغادرة سوزان مبارك ونجله جمال المقر الرئاسى إلى شرم الشيخ حتى لا يتعرضا للإيذاء. وافق عمر سليمان على ذلك، وطلب من الرئيس أن يجرى اتصالاته بهما لإقناعهما بالمغادرة فوراً.
قبيل أن ينهى عمر سليمان المكالمة سأل الرئيس عما إذا كانت له أية طلبات أخرى؟! فقال مبارك: لا أريد شيئاً، فقط خلوا بالكم من البلد. قال عمر سليمان: ألا تفكر فى السفر أنت والعائلة إلى الخارج. قال مبارك: وأسافر برّه ليه، أنا حاقعد فى شرم الشيخ ولن أغادر مصر إلا للضرورة، ولكن لأعود مرة أخرى وليس فى جدولى الآن مغادرة البلاد. قال عمر سليمان: نعطيك فترة أسبوع للتفكير. قال مبارك: ولا أسبوع ولا غيره أنا باق فى مصر.µ
قال: طيب ما رأيك فى أن تكون لك حصانة قضائية؟ لا أحد يعرف إلى أين يمكن أن تمضى الأمور. قال مبارك: حصانة قضائية ليه هو أنا عملت حاجة؟ أنا ستين سنة وأنا باخدم مصر.. أنا مش عاوز أى حصانة، لو كان هناك حاجة غلط عملتها أنا مستعد للمحاسبة. أنا لو قبلت بالحصانة معنى ذلك إن هناك شىء عاوز أتستر عليه.
عدّل عمر سليمان صيغة البيان كما طلب مبارك. استدعى الفريق سامى عنان اللواء إسماعيل عتمان مدير الشئون المعنوية بالقوات المسلحة لتجهيز كاميرات التصوير. لقد جرى الاتفاق على أن يقوم اللواء سليمان بإلقاء البيان بنفسه، حتى يتأكد الناس أن ما جرى لم يكن انقلاباً عسكرياً، وإنما قرار توافقى، بدليل أن نائب الرئيس هو الذى يلقى البيان، كما تم الاتفاق على أن يجرى تسجيل البيان داخل مبنى وزارة الدفاع، وأن يقوم اللواء إسماعيل عتمان بتوصيل شريط الفيديو إلى مبنى التليفزيون ومتابعة إذاعته فى السادسة مساءً.
لقد جرى التسجيل فى الساعة الرابعة من بعد عصر الحادى عشر من فبراير، ثم تسلم اللواء إسماعيل عتمان شريط الفيديو ومضى ومعه سائقه إلى مبنى التليفزيون على كورنيش النيل لإذاعته فى الوقت المحدد.
قبيل أن يغادر هو وسائقه، قال له الفريق سامى عنان: «أنت الآن فى مهمة خطيرة، يتحدد فى ضوئها مستقبل البلاد. ابذل كل جهدك وحافظ على السرية الكاملة، وأتمنى أن تكون جاهزاً قبل السادسة مساء، ولا تُذع شريط الفيديو إلا بعد أن أتصل بك». كان كل شىء قد اكتمل. قبل التسجيل بقليل جرى الاتفاق بين الأربعة الكبار على تشكيل مجلس رئاسى يدير شئون الحكم كهيئة تنفيذية إلى جانب المجلس العسكرى، وتم الاتفاق على أن يشكل المجلس الرئاسى من خمسة أشخاص هم:
1- المشير حسين طنطاوى. 2- اللواء عمر سليمان. 3- الفريق أحمد شفيق. 4- ممثل عن التيارات الليبرالية واقتُرح «د. محمد البرادعى». 5- ممثل عن الإخوان المسلمين «لم يُقترح اسمه». تواعد الحاضرون على الاجتماع فى العاشرة من صباح اليوم التالى، السبت 12 فبراير، إلا أنه وبعد مناقشة الفكرة خلال اجتماع المجلس العسكرى مساء ذات اليوم، الجمعة، جرى تأجيل القرار، وبالفعل تم الاتصال بكل من اللواء عمر سليمان والفريق أحمد شفيق لتأجيل الموعد المقرر، ثم تم صرف النظر عن الفكرة نهائياً بعد ذلك.
كان المشير طنطاوى يتخوف من أن يثير تشكيل هذا المجلس ردود فعل غاضبة فى الشارع، فقرر التراجع عن الفكرة مع الإبقاء على الفريق أحمد شفيق كرئيس للوزراء. أجرى اللواء عمر سليمان اتصالات متعددة بجمال مبارك، طلب منه خلالها ضرورة اصطحاب والدته والمغادرة إلى شرم الشيخ. لم يبلغه بقرار الرئيس بالتخلى عن السلطة، كما أن مبارك تعمد عدم إبلاغ نجله أو زوجته لأنه يعرف رفضهما لذلك، وإنما طلب منهما ضرورة الحضور سريعاً إلى شرم الشيخ.
لقد ظل عمر سليمان يلح على جمال مبارك مرات عديدة، إلا أن نجل الرئيس كان يبلغه كل مرة أن والدته ترفض المغادرة وتقول: «لن أترك بيتى». وفى نحو الخامسة إلا ربع أبلغ جمال مبارك اللواء عمر سليمان بأنه سيغادر هو ووالدته بعد قليل إلى شرم الشيخ.
كانت الحشود الجماهيرية قد تزايدت فى الشارع الذى يفصل بين قصر الاتحادية ومقر الرئيس. شعر جمال مبارك بالخطر، إلا أن والدته ظلت على رأيها. وفى الخامسة مساء اضطر جمال أن يدفع بوالدته بكل قوة إلى سلم الطائرة الهليكوبتر التى غادرت المقر الرئاسى فى الخامسة وعشر دقائق متجهة إلى شرم الشيخ.
وصل اللواء إسماعيل عتمان إلى ميدان عبدالمنعم رياض القريب من مبنى التليفزيون. كانت الحشود غفيرة أمام مبنى ماسبيرو، وضع الشريط داخل «الزنط» شاهده المتظاهرون، حملوه على الأكتاف، دخل إلى مبنى التليفزيون، التقى عبداللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبار، أبلغه أن هناك شريط فيديو مطلوباً إذاعته، لم يفصح له عن مضمون الشريط، ظل إلى جواره فى انتظار مكالمة الفريق سامى عنان.
قبيل السادسة مساء بقليل دق جرس الموبايل، وكان على الجانب الآخر الفريق عنان، قال له بلهجة قوية: «فى السادسة مساء بالضبط.. عليك أن تذيع شريط الفيديو، أليس كل شىء تمام؟».
رد اللواء إسماعيل عتمان: نعم كل شىء تمام يا افندم.
وفى السادسة مساء كان اللواء عمر سليمان، يطل من شاشة التليفزيون المصرى متجهم الوجه ليقرأ بيان تخلى الرئيس عن السلطة. انفجر الناس بالهتاف «الجيش والشعب إيد واحدة»، اختلطت الدموع بالفرحة، عمت الاحتفالات أنحاء الوطن، نسى الناس كل شىء، ولم يفكر أحد ماذا تخبئ الأقدار.