كشفت مصادر خاصة جدا ل"المحيط" أن شركة "تازيازت موريتانيا" المملوكة لشركة "كينروس" الكندية تستخرج أسبوعيا 5 أطنان من الذهب الخالص بنسبة 98% وذلك من منجم الذهب في "تازيزات" الواقعة على بعد 265 كلم شمال العاصمة نواكشوط. وقالت مصادر "المحيط" إن 4 صناديق ثقيلة محملة بالذهب يتم تحميلها كل أسبوع على متن طائرة تغادر المصنع باتجاه نواكشوط قبل مغادرتها إلى إسبانيا. وأصبح منجم "تازيازت" أكبر منجم للذهب في غرب إفريقيا بعد عمليات التنقيب التي جرت مؤخرا وكشفت عن احتياطات هائلة من الذهب. وتتكتم الشركة الكندية على الحجم الحقيقي لكميات الذهب المستخرجة بالتمالؤ مع جهات في السلطة الموريتانية، كما تعطي أرقاما مغلوطة للجانب الموريتاني عن حجم احتياطي الذهب المكتشف. وإبان توقيع الاتفاقية مع الشركة الأجنبية كان سعر أوقية الذهب لا يتجاوز 400 دولار، بينما قفز سعر الذهب عالميا خلال السنتين الماضيين إلى 1800 دولار لأوقية الذهب (33 غراما). وتؤكد المصادر أن "عوائد الذهب الموريتاني كانت ستتجاوز عوائد قطاعات: الحديد والصيد البحري والنفط معا لو أن هناك اتفاقية منصفة". وأِشار المصدر إلى بعض مالكي أسهم شركة "كينروس" تحوم حولهم شبهات كثيرة متعلقة بغسيل الأموال والتهريب. وفي سياق متصل، اعتبر الوزير الموريتاني السابق والخبير الاقتصادي اسلم ولد محمد، أن الاتفاقيات التي وقعت مع الشركات الأجنبية في قطاع المناجم "مجحفة جداً" بالدولة الموريتانية، مرجعاً ذلك إلى ما قال إنه "عدم معرفة المخزون الحقيقي من الذهب"، إبان توقيع الاتفاقيات. وقال ولد محمد في مقابلة مع "إذاعة صحراء ميديا" إن "الاتفاقية المجحفة في مجال استغلال الذهب والنحاس جاءت إبان رغبة كبيرة لدى الدولة في الاستثمار الأجنبي، إضافة إلى أنها لا تعرف حجم المخزون الحقيقي، وليست لديها توقعات دقيقة عن الأسعار". وأضاف أن "الشركات الأجنبية والممولين الأجانب حصلوا على أرباح خيالية لم تكن متوقعة". وشدد في نفس السياق على ضرورة "إجراء مفاوضات جديدة، لأن الأرباح غير البرمجة وغير المنتظرة مبدئيا جعلت الاتفاقيات مجحفة جداً". وتحولت "تيازيازت موريتانيا" إلى دولة داخل الدولة في ظرف وجيز، وتحاط جميع أعمالها بطوق شديد من السرية التامة، ولا يسمح للمنتخبين والنواب الموريتانيين ووسائل الإعلام بالاطلاع على ما يجري داخل مناجم الشركة. وخلال السنة الماضية ثار جدلا كبير حول حقيقة العمليات التي تقوم بها الشركة، لكن سرعان ما تم إغلاق ملف الإثارة ذلك. وكانت الشركة إبان تلك الحملة قد قامت بتوظيف عدد من أقارب الرئيس الموريتاني بمرتبات مغربية. ولوحظ أن الشركة خلال الفترة الماضية وزعت أموالا على بعض وسائل الإعلام الموريتانية على شكل "إعلانات" بغية شراء صمتها، كما قامت بدعم منظمات مدنية خيرية لإسكات المجتمع المدني الموريتاني. كما توقفت محاولات نواب المعارضة الموريتانية للإطلاع على ملف هذه الشركة، وهو أمر مريب. وتكتفي المعارضة الموريتانية في هذا المجال بعبارات غائمة مثل "نهب الثروات" دون التركيز على شركة الذهب التي تجني أرباحا خيالية وتستخرج كميات هائلة من الذهب، وهي لا تزال معفية حتى من الضرائب في هذا البلد الفقير. ويا للمفارقة. كما لم تتحرك نقابة المحامين الموريتانيين إزاء هذا الملف، وهي التي يخولها القانون رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية للاطلاع على حقيقة ما يجري لثروة شعب فقير.
نقلا عن "المحيط"