صه، صه. كيهيدي يتكلم.
إن كيهيدي ليس مدينة. إنه درس. فيزيائية الأولى لا تتعارض مع روحانية الثانية. كان المسيح رجلا، و لكنه كان بالأساس وحيا. كان كلمة الله و كان روحا منه. استمعوا إلى روحانية كيهيدي. منذ 150 عاما و كيهدي يلقي الدروس. يجب الاستماع له ولو مرة واحدة.
1
كيهيدي هي أول مدينة موريتانية في العصر الحديث. لم تتحق المرتنة من حيث هي تعايش الأفراد المتساوين في المنزلة و المختلفين عرقيا في موريتانيا إلا في كيهيدي في القرن التاسع عشر. لم تكن أوداغست غير مدينة للأسياد و عبيديهم القاطنين في الجزء الجنوبي من المدينة و العاملين في الرعي و تصنيع سبائك النحاس و تجهيز القوافل. لم تكن كمبي صالح غير مدينة سوداء يزورها الدعاة و التجار البربر. لم تكن مشروع مواطنة. و في بيرو، التي ستسمى لاحقا ولاتة، تبادلت علاقات المسوفيين و السونينكيين بين الغلبة لهؤلاء و أولئك. و حدها تيشيت وودان حققتا تعايشا و مساوة في الحقوق بين السود والبيض، رغم أن الأخيرين سيمتصون الأولين في المدينتين تماما كما حدث العكس في تمبكتو. لم يبق شيئ من هذه التجارب المجيدة.
في خمسينيات القرن التاسع عشر تمكن التكرور و بعض السونيكى من الاستقرار بقرية كيهيدي و بجنبهم سَكنَ أولاد هيبة، (المعروفين في المصادر الفرنسية بأولاد أيبة) من البيضان. كان الأخيرون محاربين تخلوا عن الحرابة إلى تجارة القوافل، و عرف كيهدي في حينه بـ"رق هيبة" أو طريق هيبة، و كان الأولون مزارعين. أسست تبادلاتهم و تعاونهم التجاري لمجتمع مستقر و مشروع مواطنة ضمنه التحول في التركيبة الانتاجية من رعوية-قتالية إلى زراعية-تجارية.
الدرس الأول: كيهيدي هي أول مدينة موريتانية حديثة. و هي أقدم مشروع مرتنة حي.
2
في 1863، اجتمع الأعيان من السونينكى و التكرور و البيضان في مجال كيهيدي الناشئ. كانت سيطرة الفرنسيين على مجال سان لويس تثير مخاوف هؤلاء "الموريتانيين" من التوسع الفرنسي. عرف هؤلاء أنه لا بد من التصدي للكولونيل فيدرب.
في يونيو من 1864 هاجمت عناصر قتالية من أولاد هيبة و البولار المقيمين في بوسَيَة و كيهيدي في الضفة اليمنى قوافل محمية من قبل الفرنسيين في سالدي في الضفة اليسرى و أوقعوا بها خسائر. رد الفرنسيون ببعث الكولونيل ديسبايير، الذي كان أول قائد عسكري فرنسي يدخل المجال الموريتاني. قتل الفرنسيون مئة من التكرور (و هو أكبر عدد قتله الفرنسيون مباشرة في كل المجال الموريتاني في وقت واحد) و أحرقوا قريتي دولال و كيهيدي و أحرقوا جميع خيام أولاد هيبة و نهبوا أمتعتهم.
الدرس الثاني: في كيهيدي توطد أول مشروع مقاومة ضد الأجنبي و أول توحد للفئات الداخلية ضد الخارج.
3
عمل مجال الفوتا الذي كانت تندمج فيه كيهدي شوكة في خاصرة فرنسا الاستعمارية. و تصاعدت موجة العداء الذي يقوم به مقاتلو التكرور المتحالفين مع مقاتلي البيضان من أولاد أحمد (لبراكنة) و أولاد أحمد من دامان (اترارزة) و أولاد هيبة و ايدوعيش. في يونيو 1882 هاجمت قوات الأمير التروزي أعلي و لد الكوري المتحالفة مع قوات التكرور يقودها عبدول بوبكر و قوات الولوف يقودها ألبوري انجاي الفرنسيين أثناء بناءهم السكة الحديدية في سان لويس و ألحقوا بهم خسائر قوية. رد الفرنسيون بضراوة بقيادة الحاكم سرفياتوس و هاجموا القاطنين في الفوتا و قامو بطرد زعيم التكرور، عبدول بوبكر. في مقامة و مونغل استقبله البيضان استقبال الأبطال. و عملت معه العناصر البيضانية التكرورية المتحالفة مع الحاج عمر في قتاله ضد الفرنسيين.
الدرس الثالث: لقد ردد اليمين العروبي العنصري أن الزنوج الموريتانيين هم بقايا معسكر المستعمر و أنهم دخلاء. لقد كانت كيهيدي دليلا تاريخيا ضد هؤلاء. كيهيدي لم تكن طابورا خامسا. كيهيدي كانت رأس حربة.
4
في 1894 وصل قادة قبائل البيضان إلى كيهدي الذي صار في هذا العام محطة تجارية للمتاجرة مع الفرنسيين. كجزء من الاتفاقية التي وقعها الشراتيت (إدوعيش) مع الفرنسيين ممثلين بدودو سك (ولد ابنو المقداد) فقد حصل الأمير المختار ولد أحمد، زعيم الشراتيت، من الفرنسيين على 500 قطعة من القماش الغيني باعتباره حامي حمى التجارة في كيهدي و قد نقل إليه القطع، محمد ولد الفيلالي، زعيم أولاد أعلي.
في اكتوبر 1897 قام أندريه لوبون من وزارة المستعمرات بزيارة للسودان الفرنسي. بالإضافة إلى التكرور في كيهدي فإنه علم أن بها تجارة نشطة للبيضان الذين أصبحوا يتوقفون عندها و يقيمون بها بدل بودور. كتب أنه من تلك المنطقة إلى ماتام و باكل في السنغال كان يأتي التكرور و السونينكى و البيضان من إيدوعيش. كان تجار البيضان يأتون إلى كيهيدي بالسلال و الأواني و الصحون من المغرب فيبيعونها في كيهيدي التي وصفها المستكشف بالنامية بسرعة. في نفس الوقت كان البيضان المحاربون يتقاسمون مع التكرور المحاربين مساوئ الوضعية و كانوا يقومون معا بتجارة العبيد حسب تقرير فرنسي في 1899.
الدرس الرابع: لقد زعم اليمين الزنجي العنصري أن البيضان في كيهيدي مستجلبون من قبل الدولة الموريتانية البيضانية، و أشار إلى حي التنزاهة في كيهيدي حيث يسكن البيضان باعتباره حيا حكوميا. في وجه هذه الحجة العنصرية يقف تاريخ كيهدي الأكثر قدما من الدولة. يمتد تعايش البيضان و الزنوج في كيهيدي وتعاونهم أكثر من قرن و نصف.
5
في 1929 ترك الفرنسيون السونينكى و التكرور يتناحرون في كيهيدي ليجوز لهم التدخل و طرد يعقوب سيلا و المد التجاني الحموي المزعج بالنسبة لهم. تحاربت الطائفتان أسبوعا بأكمله. و في العام الموالي حدثت مشاكل بين بعض البيضان و بعض الزنوج في نفس المدينة. و في بدايات القرن كان بعض البيضان المتعادين مع كيهيدي يسمونه بـ"اكصر لعبيد". و لكن التسمية الأكثر احتراما غلبت. اليوم لا أحد محترم يتحدث عن كيهدي كمعقل للأوباش.
الدرس الخامس: لقد كانت هنالك دوما خلافات في كيهيدي، ولكن قانون التعايش والأخوة كان المنتصر دوما.
6
مع الخمسينيات بدأت الصناعة الكيهيدية في التطور إلى شكل تجاري. اكتشفت النسوة الكيهيديات طريقة للتوفيق بين شح الموارد و إبقاء الملابس جديدة دوما: اخترعن الصباغة الكيهيدية. أصبحت هذه الصباغة للملابس الموريتانية تجارة وطنية، ووجدت فيها النسوة الجنوبيات فرص عمل في العواصم في أوقات شح الموارد الزراعية في الجنوب. كان اللون الأزرق الغامق لونا جديدا على المنطقة لذا تم تسميته بـ"كيهيدي"، ولكن إلى الثمانينيات بقي لون "كيهيدي" خاصا بسكان الضفة الزنوج. مع نهاية العقد تفتقت قريحة مصصمي الأزياء البيضان على الاستفادة من هذا اللون الذي بقي خارج ذوق البيضان. منذ التسعينيات و تصميمات "باركللة" ثم أخيرا "أم سي أم" تحاول إقحام هذا اللون في الأزياء البيضانية. منذ سنوات تكللت المهمة بنجاح و أصبح الأزرق الغامق لونا وطنيا. و لم يعد مجرد لون إثني.
الدرس السادس: "كيهيدي" هو أول لون وطني خالص.
7
في يناير 1964 قرر المختار ولد داداه القيام بعقد مؤتمر حزب الشعب في كيهيدي. حضرت جميع النخبة السياسية إلى كيهدي. ألقى المختار ولد داداه خطابا طويلا، ندد فيه بـ"الشلل السياسي" و بـ"عدم الانضباط" و انتقد ما أسماه بالإنتخابوية Electoralisme حيث تتم المتاجرة بالأصوات و تزويرها في داخل حزب الشعب لإيصال المرشحين إلى الجمعية الوطنية. من هنالك اتخذ الأطر في كيهيدي و بقية الوطن قرار الحزب بفرض الرقابة و إنهاء الإنتخابوية.
الدرس السابع: لقد كان هنالك خوف في السلطة المركزية من التزوير في كيهيدي، و لكنه في السابق- أيام كان هنالك عاقلون- كان يحل بشكل أكثر سياسية و حصافة.
8
بتاريخ 6 ديسمبر 1987 جلب نظام ولد الطايع إلى ساحة الإعدام ثلاثة من الهالبولار متورطين في محاولة انقلاب عسكري و قام بإطلاق وابل الرصاص عليهم بعيد محاكمة صورية حددت أحكامها قبليا. رد الأهالي في كيهيدي بمظاهرات قوية بعد يومين. تدخلت قوات الشرطة و الدرك و قمعت التظاهرات بعنف بقية الأسبوعين. مع حلول أعياد الميلاد كان ولد الطائع قد سيطر على كيهيدي تماما. همدت المعارضة الكيهدية مؤقتا. و لكن القوى المتشددة المناوئة للنظام، ممثلة في حركة انفصالية في حينه تسمى افلام، ظهرت كنواة لقوة سياسية ظلت حية من خلال دفاعها عن مخاوف كيهيدي. ستنمو و ستسيطر على المشهد الإنتخابي في المدينة في آخر انتخابات نزيهة في 2007. هزمت هذه القوة قوى التعايش اليسارية الوطنية التي كانت تسيطر على الضفة منذ 1966 و فسحت المجال لليمين الزنجي كمعبر وحيد عن مخاوف تكتنف نفوس سكان الضفة من أنظمة تمييزية.
الدرس الثامن: أي تطرف من قبل النظام سيجابه بتطرف مناوئ من قبل مناوئيه. التطرف يقضى على قوى التعايش و يأتي بقوى التطرف.
9
في منتصف التسعينيات قام ولد الطايع، الذي لم يكن ذا شعبية في الضفة في بداية التسعينيات، بزيارة لكيهيدي. و هنالك تفاجأ المراقبون باستقباله الحاشد في الضفة، الذي ضمنه الوجهاء و الأعيان التقليديون السود المسبوغ عليهم من أنعام ولد الطايع. بدأ ولد الطايع خطابه بالتحية الزنجية: "باندرابى" و تدافع أمامه سكان الضفة يعدون أمام سياراته و يهتفون "مـ(ع)ـاوية، مـ(ع)ـاوية". صرخت الصحافة الأوروبية بأن ولد الطايع تمكن من تجنيد الضفة لصالحه و أنهى القوى المعارضة له هنالك. ولكن فيما بعد اندحار ولد الطايع لم يبق أثر لطبقته المتعفنة التي كانت تشتري التملق السياسي و تبيعه (انتخابوية ديمقراطية). في المقابل ظهرت القوى التاريخية التي عارضت ولد الطايع كمعبر حقيقي عن حالة الخوف في الضفة. ظهر أنها هي القوى المستمرة الوحيدة. الخوف أطول عمرا من الشبع.
الدرس التاسع: لا يمكن بناء عقد اجتماعي بالتفاهم مع طبقة ظرفية مخلوقة و زائلة. العقد الحقيقي هو العقد مع المواطنين و ليس مع النخب. ستذهب النخب المصنوعة كالزبد و ستبقى الجماهير كالبحر.
10
في 18 فبراير 2011 اندلعت شرارة الثورة الموريتانية من أقصى مدينة في الشرق الموريتاني: فصالة. هاجم المتظاهرون الذين كانوا شبابا من البيضان رموز سيادة الدولة. أضرموا النار في مقر البلدية و دمروا المركز الصحي و دمروا مكتب رئيس المركز الإداري، وحاصروه في منزله. بعد أسبوعين انطلقت المظاهرة في لعيون حيث هاجم المتظاهرون الدكاكين و رشقوها بالحجارة مما أدى إلى غلق الأسواق خوف النهب.
تشدق اليمين البيضاني بهذه المظاهرات و اعتبرها دليلا على الثورية الموريتانية و ارتباط موريتانيا بظروفها العربية حيث يسود الريبع العربي الثائر.
و لكن في 25 سبتمبر، عندما قام المتظاهرون السود في كيهدي بالتعرض بنفس الطريقة لرموز الدولة، حيث أحرقوا قصر العدالة و هاجموا السوق و الدكاكين، فإن اليمين البيضاني رفض المظاهرات جملة وتفصيلا بحجة التدمير و التعرض للسيادة. أشار أعيانه إلى المظاهرات بـ"الأجنبية" و "الهمجية "و "المعادية للدولة" و بـ"الإنفصالية". قال: "إني أرى مالا ترون. إني أخاف الله".
الدرس العاشر: لقد أظهرت أحداث كيهيدي انتقائية و عنصرية اليمين البيضاني و نفاقه في أسوأ أشكاله.
11
في فبراير 2011 رفض اليمين الزنجي المشاركة في الثورة الشبايبة الموريتانية لأنها حسب ناشطين فيه "ثورة الربيع العربي" و "خصوصية بيضانية". رفض مد يد الوحدة الوطنية ضد نظام يقف جاثما على روح الوطن. ولقد أتاح هذا الرفض فرصة لليمين الحرطاني أن ينأى بنفسه عن الثورة أيضا. و هكذا تركا اليد الوحيدة تحاول أن تصفق ضد نظام يستخدم "البلطجة" ضد حق الاحتجاج.
في تظاهرة الجنسية رفض اليمين الزنجي مقترحات التظاهرة الوطنية التي قدمها ناشطون وطنيون بيضان لأنه يريد تحقيق مكاسب سياسية في مظاهرة زنجية لا يمكنه تحقيقها بها في مظاهرة وطنية متعددة الألوان. و هكذا أفسح المجال لمظاهرات عرقية، يمينية الطابع.
الدرس الحادي عشر: لقد أظهرت أحداث كيهيدي أن اليمين الزنجي غير قادر على القيام بنضال وطني من أجل الحقوق. هو عائق أمام هذا النضال.
12
ابتداء من ثمانينيات القرن الماضي بدأت الرأسمالية الدولية في مراجعة النظام الغذائي العالمي. كانت الولايات المتحدة تستخدم المساعدات الغذائية في إبقاء أسعار الغذاء ثابتة و في ضرب الكتلة الشرقية بإغراقها بفوائض القمح و الشعير لخفض أسعار السلع. ولكن بدءا من الثمانييات و انهيار النظام الغذائي العالمي لما بعد الحرب وجدت الرأسمالية الدولية فرصة في تحويل المساعدات الغذائية إلى فرص تقسيم عمل عالمي في إنتاج الغذاء و إلحاق الدول النامية في السوق العالمي كمستهلكة و ليس منتجة للغذاء. في موريتانيا اشترطت بريتون وودز الخصخصة لاستمرار تدفق المساعدات الغذائية. و هكذا اضطر ولد الطايع لرفع اليد عن الزراعة الجماعية و إقرار الزراعة الخصوصية في الضفة. تم فتح الضفة لرأسمال و أصبحت المساحات الزراعية في الضفة ملكا لرجال الأعمال البيضان بدل المزارعين الزنوج الصغار. تسبب الأمر في أزمة بطالة و تدفق آلاف المشردين من السود إلى العواصم و سقطوا في براثن الاحتقان العرقي و القلاقل السياسية.
في 2011 و في ظل نظام يرفع يده عن المواسم الزراعية و يقضي على القروض الزراعية و القروض الصغيرة و تشغيل الشباب وجدت القوى الشبابية في الداخل الزراعي و الرعوي نفسها مهددة و توجهت إلى معاداة النظام السياسي الذي يضر بها.
الدرس الحادي عشر: أحداث كيهدي، هي تماما كأحداث فصالة و كرو و النعمة و لعيون و العكبة و باسكنو، أحداث اقتصادية. سببها نظام انسحابي و هدفها البحث عن خدمات و ضمانات. السياسة هي تعبيرها الأقرب عن هذا. بدون إصلاحات اقتصادية لا يمكن حل مشاكل التذمر السياسي.
13
اعتبر فاقدو الحس التاريخي أن مشكلة نظام الجنرال عزيز مع الزنوج تعود إلى قضية الإحصاء. لا يعود هذا الارتباط إلا إلى العجز عن رؤية ما هو أبعد من الأنف. ابتداء من مايو 2007 ظهرت القضية الزنجية للنقاش السياسي. عارض اليمين العروبي سياسات عودة المبعدين و ربطها بالتعويضات للمسفرين و تحدث عن "المخاطر الاستيراتيجة للديمقراطية الموريتاية". عادى هذا اليمين سياسة ولد الشيخ عبد الله لإعادة المبعدين رغم أنها كانت موضوع إجماع انتخابي في 2007 و فَهمها في إطار طائفي (=التيجانية تريد إعادة روافدها المنفية) و أيد انقلابا عسكريا، "تفاديا للعار".
في المقابل ركن اليمين الزنجي (ممثلا في الأب الروحي، مرتضى جوب، فيما ذهب الشق الآخر لليمين الزنجي إلى النظام بحثا عن مكاسب سياسية)، إلى مناوئة الإنقلاب دفاعا عن نفسه. لقد فُهم انقلاب الجنرال عزيز أنه ضد المكاسب السياسية الزنجية. رغم أن المبعدين استمروا في العودة إلا أن التعويضات لم تستمر. في فبراير 2009 عبأت الحركة الزنجية الطلابية نفسها ضد الجنرال عزيز و رشقه ناشطوها بالحجارة و بالمناديل في زيارته لجامعة نواكشوط. في ابريل 2009 أطلق وزراء الجنرال عزيز خطابات معادية للتعليم الفرنسي و قدموا وعودا بالتعريب الفوري مما تسبب في مواجهات عرقية في الجامعة. في ابريل 2011 تحدثت أوساطا طلابية عن تورط للنظام في انتخابات طلابية فيها استقطاب عرقي قوي، مما أدى إلى مواجهات عنيفة أدت إلى تعليق الانتخابات. في أغسطس 2011 نشرت ويكيليكس تصريحات للجنرال عزيز قال فيها بأن موريتانيا لن تقبل أن يترأسها أسود. في أغسطس 2011 تحدث الجنرال عزيز عن مندسين و سُراق للجنسية في خطاب عام موجه للشعب مما أثار مخاوف كانت موجودة أصلا لدى الزنوج. في سبتمبر 2011 قام الجنرال عزيز في لقاء مع وسيلة إعلامية تستهدف الشرائح الزنجية بتقديم حوار متعنت رفض فيه الاعتراف بأي مشكلة في الاحصاء و نفى فيه أي وجود العبودية و تحدث مرة أخرى مندسين ولصوص جنسية و عبر عن ثقته في وجود لجان تعينها الحكومة للشهادة و البت في جنسية المواطنين.
بدل أن يكون الحوار تطمينيا كما كان يفترض به، أشعل الفتيل القصير للاحتقان و تفجرت أزمة كيهيدي.
الدرس الثالث عشر: لقد أظهرت أحداث كيهدي أن النظام الموريتاني الحالي غير قادر على الاستمرار في نموذج التعايش الذي ازدهر في كيهيدي على مدى أكثر من قرن ونصف. لقد اتضح أن النظام يضر بهذا التعايش. لقد أظهرت أحداث كيهيدي أنه على النظام الرحيل.
في هذه أيضا فرصة لعدم التمييز بين فصالة و كيهيدي.