بعد تلويحه بحرق المصحف وإصراره على ذلك وعدم اعتذاره عنه ، فإني أفتي بوجوب التبرإ من بيرام ولد الداه ولد اعبيدي وأعلن أني قد تبرأت منه تبرأ إبراهيم من أبيه . وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ... (114) [التوبة] . كما أعلن تمسكي بمناصرة كافة الحقوقيين ومؤازرة شريحة " لحراطين " والوقوف إلى جانبهم في النضال السلمي ، وأنوه بالدور الذي تقوم به منظمة إيرا ونجدة العبيد وحركة الحر ... وألتزم لشباب حركة إيرا قبل غيرهم ، أني لن أتخلى عنهم ولن أدخر جهدا في دعمهم ، وأنا الذي أعرف حجم معاناتهم ، بسبب استغلال بيرام وإذلاله لهم ، وهم الذين يعرفونه أكثر من غيرهم ، ويدركون أنه مجرد فقاعة لا ينبهر بها إلا من لم يعرف حقيقتها ، كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا...
وأشهد بالله إن مناضلي حركة إيرا الذين عرفتهم ، ما زالوا مطهدين بسبب هذا الشيطان الذي يستعبدهم ، ولو عبروا عن معاناتهم لتحرروا من بيرام ولو بعد حين ، ولو استبدلوه بواحد منهم ما لبثوا في العذاب المهين . وأقول لحركة إيرا إنهم لن يتمكنوا من تحرير غيرهم ، حتى يتحرروا من هذه الأسرة المشئومة التي تستعبدهم ، وتتسول باسمهم ، وتبتز كل من يتعاطف معهم ، حتى أصبح نضال هؤلاء الشباب مجرد وسيلة لنقود يجمعها بيرام باسمهم، ثم يسلمها لزوجته دون علمهم ، وإذا سألوه عن ذلك وبخهم وطردهم .
و والله الذي لا إله غيره إن عبودية أَلْأَمِ البظان لأرحم بكثير من عبودية (ليلى وبيرام) . وسوف أرفع شكوى من بيرام حتى يعيد لهؤلاء المساكين حقوقهم ، ويلتزم بتسديد رواتبهم ، ويرفع يده عن استعبادهم .
وأي استعباد فوق أن ترى ملهمك ومعلمك ، يكنز المال وأنت لا تجد ما تسد به رمقك . وتراه يلبس جديدا في كل يوم جديد ، وأنت لا تجد ما تغسل به ثيابك يوم العيد . لكن قابلية " لحراطين" للاستعباد وتعودهم عليه منذو زمن بعيد ، هي التي جعلتهم يقبلون أن يعاملهم بيرام معاملة العبيد ...
وأي تحرر يرجى ممن يقبلون بالخضوع والخنوع لغير الله تعالى ، وإذا حضروا لم يستشاروا وإن غابوا لم يفتقدوا على حد قول جرير : وإنّك لو رأيتَ عبيدَ تيمٍ ... وتيماً قلت أيُّهم العبيدُ ويقضى الأمرُ حين تغيب تيمٌ ... ولا يستأذنون وهم شهودُ . وإن من كان هذا حاله يحتاج إلى أن يتحرر من داخله قبل أن يفكر في تحرير غيره . وإذا لم يحمل دعاة التحرر والانعتاق قيم الحرية التي هي أصلنا ، فكيف يقولون للعبيد كونوا مثلنا ؟!
ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم حرر أصحابه أولا ، لما استطاعوا تحرير الناس وإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ولهذا لما قال أمير المؤمنين عمر ـ وهو يخطب على المنبر: اسمعوا وأطيعوا ، قام إليه رجل فقال : لا نسمع ولا نطيع . فقال له عمر : ما لك ؟ فقال الرجل : تلبس ثوبين اثنين وتعطي كل واحد منا ثوباً واحدا ونسمع ونطيع ؟!. فضج المسجد مناصرة للرجل على أمير المؤمنين ، فاستنجد عمر بابنه الذي كان قد استعار منه ثوبه ليتبين أن أمير المؤمنين لا يملك من الثياب إلا ثوبا واحدا مثل عامة الناس . ثم اعترف الرجل بفضل عمر وقال له : الآن قل نسمع , وأمر نطع . وهكذا يستطيع المناضلون تحرير غيرهم عندما يتمكنون من تحرير أنفسهم ، وإلا ففاقد الشيء لا يعطيه .
لكن أبشع وقاحات واجهنا بها بيرام ـ وما أكثر وقاحاته التي لا يمكن إغفالها ولا يجوز التستر عليها ـ وقاحته في انواذيبو بالتلويح بحرق المصحف وعدم الاعتذار عن ذلك والإصرار على مساواة القرآن بكتب الفروع .
ونحن اليوم إذ نرفض ذلك وندينه ونتبرأ من قائله كتبرئنا من فاعله ، نطالب كافة الخيرين الذين شهدوا على تطاول بيرام على المصحف وامتناعه عن الاعتذار في انواذيبو , أن يدلوا بشهادتهم وأن يأتوا بالشهادة على وجهها ولا يكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ستكتب شهادتهم ويسألون .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين