عندما تسلمت ظهر الثالث والعشرين مايو 2012، قرار فصلي التعسفي من عملي فى الوكالة الموريتانية للأنباء مع حرماني من جميع الحقوق، كان الأستاذ ابراهيم ولد أبتى أول من اتصل بي مساء نفس اليوم، بعد نشر الخبر فى وسائل الإعلام، طالبا مني الحضور إلى مكتبه، الذي ينتظرني فيه لأمر مهم لا يحتمل التأخر.
استقبلي بحفاوة وقال لى: "مامونى استدعيتك لأطلب منك طلبا مهما عندي وهو أن تمنحني فرصة شرف التعهد بقضيتك أمام القضاء الموريتاني".
وعلى مدى أربع سنوات ظل ولد أبتي يدافع عن قضيتي أمام المحاكم، من محكمة الشغل إلى المحكمة العليا مرورا بمحكمة الاستئناف، حيث كسبها فى جميع مراحل التقاضي ليبدأ بعد ذلك على مدى أربع سنوات أخرى معركة تنفيذ الحكم، الذي ظل ولد عبد العزيز يمنع تنفيذه.
وفى هذه المعركة كتب ولد أبتى رسائل عديدة للإدارات المتعاقبة على الوكالة الموريتانية للأنباء ورسالة إلى الوزير ألأول وأخرى إلى رئيس هيئة المظالم مطالبا بتنفيذ الحكم.
وخلال هذه المعارك القضائية، التي دامت ثمان سنوات، لم يطلب مني عونا ماديا مهما كان وعندما تسلت حقوقي التي حكم لي بها القضاء قبل شهرين بأوامر من رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، عرضت عليها تعويضا رمزيا عن أتعابه، فكان جوابه: "أنا أخذت أتعابي كاملة عندما رأيتك تأخذ حقوقك كاملة فى حفل رسمي".
قبل هذه التجربة، التي ربطتني بالأستاذ ابراهيم ولد أبتى، كنت قد عرفته على مدى أربعة عقود، منافحا عن حقوق المظلومين والمطحونين بغض النظر عن أعراقهم وجهاتهم وانتماءاتهم، مقارعا للطغاة والجبابرة، لا تأخذه في الله لومة لائم.
عرفته فى اجريدة وواد الناقة وأروقة محاكم نواكشوط وروصو ونواذيبو، مدافعا عن الإخوان المسلمين والبعثيين والناصريين والزنوج وفرسان التغيير ومدافعا عن العمال الكادحين المظلومين، حيث كان الجميع ينتظر مرافعاته التي كانت تقنع قضاة القضاء الجالس، مما جعله دائما يكسب القضايا التي يرافع عنها.
لقد تميزت مسيرة الأستاذ ابراهيم ولد أبتى، طيلة حياته، على المستوى المهني وبشهادة الجميع بالصدق والتعفف ومناصرة الضعفاء والزهد فى المال وعشق الحرية والعدالة والمساواة بين خلق الله وعلى المستوى الشخصي بالتواضع والبشاشة والاستقامة وبحسن الخلق وعلى المستوى السياسي بالاستقلالية وعدم التخندق.
حفظ الله ابراهيم ولد أبتى..