تطرح لجنة التحقيق البرلمانية في موريتانيا إشكالات عديدة في آلية عملها وتفسيرها للقانون.
ثلاث ملاحظات بهذا الخصوص:
1. لا يحق للجنة البرلمانية إستدعاء الرئيس السابق. فاللجنة شكل من أشكال الرقابة البرلمانية على الجهاز التنفيذي. وفي دستورنا تنحصر هذه الرقابة في الحكومة. الحصانة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية تجاه المساءلة السياسية من طرف البرلمان هي فعلا مطلقة٬ تشمل كل أعماله أثناء المأمورية٬ وأبدية٬ أي أنها تحميه من المساءلة السياسية حتى بعد مغادرة السلطة.
وتبرر هذه الحصانة مبادئ دستورية أساسية هي الفصل بين السلطات واستمرارية الدولة. الاستثناء الوحيد هو لذلك هو حالة الخيانة العظمى.
2. من الصعب فهم الجدل الحالي حول الخيانة العظمى وكذا محاولات ضبط تعريفها بقانون: الخيانة العظمى مفهوم سياسي و عملي أي أنه يهدف إلى حماية الوظيفة ضد شاغلها من خلال عزله إذا تأتى منه مايستوجب ذلك ضرورةً وبداهةً.
وبما أن الأثر الوحيد المترتب عليها هو العزل فهي بحكم التعريف لا تنطبق على رئيس سابق.
3. مع ذلك فالحصانة لا تعني الإفلات من أي عقاب. القرائن المتواترة والخطرة حول تسيير الشيئ العام وكأنه ملك شخصي كافية لتحريك الدعوى العمومية أمام القضاء العادي.
ولا يعتبر تقرير اللجنة البرلمانية شرطاً مشبقاً لذلك ولا حتى مرحلة تحضيرية. ليس صحيحاً البتة أن عمل اللجنة هو مرحلة من مراحل التقاضي لأنها بحكم التعريف والوظيفة لجنة سياسية.
وينبغي أن تترك للقضاء العادي فرصة القيام بعمله بطمأنينة وبعيدا عن التجييش والضغط وينبغي أن يضمن هذا القضاء للرئيس السابق كما لأي متقاضٍ كل شروط المحاكمة العادلة.
فالعدالة ليست الثأر ولا الإنتقام. ماعدى ذلك، كشفت هذه الأزمة عن ثغرات عديدة وأوجه نقص وتناقض في نظامنا الدستوري، وهي جديرة باهتمام الطبقة السياسية للتفكير حول إصلاحات دستورية وتشريعية فد تكون ضرورية، عسى اللجنة أن تتناولها في تقريرها.