الزموا منازلكم تقوا أنفسكم
أطلقت الحكومة الموريتانية منذ أزيد من أسبوعين البرنامج الرعوي للعام 2020 ، وحسب ما هو معلن وما تم توقيعه بين أ ربع وزارات ( التنمية الريفية ، المياه ، المالية ، مفوضية الأمن الغذائي ) فإن هذا البرنامج يتشكل من أربع مكونات هي :
ـ العلف الحيواني : 834.513.240 أوقية جديدة
ـ المياه الرعوية : 30.000.000 أوقية جديدة
ـ الصحة الحيوانية : 20.719.000 أوقية جديدة
ـ تكاليف التنفيذ : 222.000.000 أوقية جديدة
وفي ولاية لعصابه على الأقل فإن مكونة واحدة هي ما تعكف السلطات جاهدة على تسييرها اليوم دون أن يلوح في الأفق أي علامات على قرب إطلاق المكونات الثلاث المتبقية.!
فقد بدأ بيع العلف بمناطق مختلفة بالولاية ، وذلك في جو من الارتباك وفقدان الرؤية والتخطيط ، لذلك يمكن القول بأن هذه المكونة قد فشلت في جميع الجوانب خاصة فيما يراه المنمون ، سواء تعلق الأمر بالحجم الذي يلبي الحد الأدنى من حاجيات المنمين ، أو بوصولها في الوقت المناسب ، أو فيما يخص ولوج المنمين إليها بسهولة وانسيابية .
وعلى العكس فقد التهبت أسعار الأعلاف في السوق وضاع وقت المنمين في الطوابير والاحتجاجات ، وقاد طلبها من طرف هؤلاء إلى التحلل من كافة التدابير وقواعد الوقاية من الوباء ، وهو ما أثار قلق سكان الولاية الذين أصبحوا على أول حالة من المرض في هذا الظرف الحرج .
الزموا منازلكم تقوا أنفسكم
ولا شك أن تغييب المنظمات الأهلية الرعوية وعدم توسيع الشركاء في تسيير العملية ، وظهورها مترنحة لا يمكنك تحديد الجهة الفعلية التي تسيرها ، كان على رأس أسباب الفشل .
هذا ما حل بالمكونة الرئيسية الأولى ، فأين الثلاث المتبقية ؟
في هذه الولاية على الأقل لا ذاكر لأي من هذه المكونات ، ولا أحد يعرف أين ذهبت المياه الرعوية ، وفيم صرفت الأموال المخصصة للصحة الحيوانية ؟
أما الأموال المرصودة لتنفيذ العملية فقد طارت بها عنقاء مغرب.!
وإلى هذه النقطة الأخيرة يمكن أن نعيد أسباب فشل عملية توزيع الأعلاف ، فقد شددت الحكومة على الدور الذي يجب أن تلعبه الإدارات الإقليمية الجديدة في العملية.
وحسب ما توصلت إليه وكالة كيفه للأنباء فإن السلطات المحلية في الولايات المعنية بهذا التدخل ، لا تستطيع التحرك أو المبادرة بأي فعل يخدم العملية لافتقارها للموارد الضرورية لذلك.!
وهذا بات ملموسا في مجريات العملية بولاية لعصابه ، فالمشاكل التي تفجرت في كل مكان على خلفية التوزيع والحصص المخصصة للبلديات ، لا تجد الحل الفوري ، كما أن قضايا أخرى موازية تحتاج الإنفاق تتصامم كافة الأطراف الرسمية عنها ، مثل ما يعرض في ازدحام المنمين إذ تطلب السلطات الاحتراز دون أن تقدم كمامات مثلا أو مواد تعقيمية.
هذه الوضعية القاتمة التي تفوح منها روائح الفساد والفضائح ، لا تجد اليوم من يتحدث عنها ، إذا استثنينا النداء المبكر الذي أطلقته مجموعة من المنظمات التنموية الجادة بولاية كيدي ماغا ، ومطالبتها بتوسيع الشراكة سعيا لتحقيق الشفافية وتمكين المنمين من الاستفادة من هذه الأموال الهائلة.
ليست هذه المرة الأولى التي ينظم فيها تدخل استعجالي لصالح المنمين في سنوات الجفاف؛ غير أنها الأولى التي تجري في ظل نظام رفع للكثير من شعارات حسن التسيير والعدالة وعلق عليه الناس أملا كبيرا فما استطاع أن يضيف جديدا.!
ويبقى السؤال الكبير الذي لم يجد إجابة شافية منذ عدة عقود ومع تجارب مماثلة هو لماذا لا نستفيد من تجاربنا مع هذه التدخلات وكيف فشلنا في استخلاص الدروس؟!
ومتى يمكن لهذه "الجمهورية" أن تمتلك قاعدة بيانات وإحصائيات محكمة يمكن الاعتماد عليها في بناء البرامج والتدخلات؟ أم أن قدرنا هو نبدأ من الصفرعند كل مرة نهم بالقيام بعمل.!
الزموا منازلكم تقوا أنفسكم