ظل الموقف من الأزمة المالية نقطة خلاف رئيسية بين مكونات المعارضة الديمقرطية. ومع انطلاقة التدخل الفرنسي في الدولة الجارة، بدأ الخلاف يأخذ أبعادا جديدة ملقيا بظلال من الشك حول قدرة تكتلات المعارضة الحالية على الاستمرار في العمل المشترك فيما بينها بالنظر إلى التباين الكبير الحاصل في وجهات النظر حول الموقف الذي ينبغي اتخاذه سواء تعلق الأمر بالتدخل الفرنسي أو بالموقف الموريتاني من الحرب.
ولذلك ليس من الصدفة أن أيا من المنسقية أو المعاهدة لم يصدر عنه بيان حول الوضع الجديد، بل كان على الرأي العام أن يتعرف على مواقف المعارضة بحسب عدد أحزابها وليس بحسب عدد التشكيلات التي تنضوي تحتها تلك الأحزاب. فهل وجدت المعارضة نفسها أمام منعطف جديد يهدد بإعادة رسم خارطتها من جديد؟ وهل تؤكد المعارضة بهذا السلوك صدق السفيرة الأمريكية بنواكشوط حين صرحت بأن "التحالفات داخل المعارضة تتغير يوميا وأسبوعيا" وبأنها "لو كانت أكثر تنظيما وانسجاما لما كانت قلقة منها"؟
ما هو واضح أن المواقف من الحرب المعبر عنها في بيانات المعارضة تكشف عن خلافات عميقة، إذ تتدرج من الرفض "القاطع للغزو الصليبي الفرنسي الغاشم الذي لم يأت بكل تأكيد إلا تلبية لشهوة القتل والاحتلال والهيمنة الرابضة في أذهان قادة هذه الدولة ذات التاريخ الكولونيالي العتيق اتجاه مستعمراتها السابقة" (الصواب)، إلى الدعم "القوي لوحدة التراب المالي وجهود الحكومة المالية والمجتمع الدولي للمحافظة على هذه الوحدة ومحاربة الإرهاب وتهريب المخدرات في المنطقة" (الوئام)، مرورا بمساندة "كل الجهود التي تبذلها دولة مالي لتخليص أراضيها من الارهاب" (تقدم) وبالتنديد "أشد التنديد بالتدخل الفرنسي و بهجوم الطائرات الفرنسية التي استهدفت المدن والأبرياء من الأطفال و النساء و المدنيين" والتذكير "بأن مستعمر الأمس لا يمكن أن يكون منقذ اليوم" (تواصل).
كما أن ممارسات سابقة للمعارضة، تظهر أنها جاهزة للتضحية بوحدتها كلما اعترضتها عقبات مهما كانت ثانوية وقابلة للتجاوز، حيث تمكن الاشارة في هذا المجال إلى "إعادة التقييم" التي أجراها تواصل بعد رئاسيات 2009 وإلى "تفهم" حزب التكتل لمطاردة الجيش الموريتاني للقاعدة في الشمال المالي وأيضا إلى موقفي التحالف والمعاهدة من الحوار مع السلطة، التي ساهمت كلها بطريقة أو اخرى في رسم خارطة جديدة للمعارضة.
هذا بالإضافة إلى النهايات المأساوية التي عرفتها تشكيلات سابقة للمعارضة كما هي حال ائتلاف قوى التغيير وجبهة المعارضة.
اقلام