ان دلت ظاهرة المجالس الأدبية على شئ فإنما تدل على النمو الثقافي المتنامي لمختلف الأجيال الوطنية ولله الحمد، فهناك مثلا مجلس (الجماعة ) ومجلس الخيمة و مجلس الظرفاء و ( ديماس الساحل) وغيرهم كثير .
وعادة ما يختار لإدارة تلك المجالس الا كوكبة من جهاذبة الأدباء و الفنانين سواء كانوا مشهورين أو في طريقهم الى الشهرة يخطون نحوها خطوات حثيثه و متسارعة ، الا انه رغم أهمية تلك المجالس الثقافية فإني ابدي بعض الملاحظات حيالها و اود لو وضعها المشرفون عليها نصب اعينهم لليتفادوا بعضا منها مستقبلا على الأقل إن شاركوني نفس الرؤى وهي مثلا:
١- اننا نجد في تلك المجالس جماعة او مجلسا من الرجال تتفاوت أعمارهم بحيث يمكن ان يكون الواحد منهم حفيدا للآخر و إذا به ينشد امامه بعض الغزل الماجن وربما في حفيدة ذلك الجد تحت اسم مستعار وهذا يخالف عادات و أعراف (البيظان) فيما يسمى (بالداسير)!
٢- عدم وحدة موضوع الجلسة الأدبية بحيث يتناولون عادة في البداية قصائد من المديح النبوي الشريف ، وإذا بهم فجأة يعرجون الى أنماط من الغزل الماجن المعروف لدى كل من عمرو ابن أبي ربيعة و امرؤ القيس ابن حجر و أحينا يكون المحكى غزله خدنا يتغزل في زوجة غيره ، و هذا ينافي الأخلاق الإسلامية التي يجب إحترامها عندنا في موريتانيا.
٣- عادة مقدم الشاي للجلساء يكون من الرجال السمر دلالة على النمطية الإقطاعية إبان انتشار ظاهرة الرق البغيضة !
٤- دور الفنان او الفنانة في سمر ذلك المجلس مقصورا على تقديم الموسيقى و الوصلات الغنائية دون المشاركة في المذاكرة الأدبية او تقديم ما لديهم من أدب رفيع ، و في هذه الحالة أيضا نفس النهج الاقطاعي !
٥- تواطؤ المشرفين على البرنامج دائما على ان يضعوا قدحا ملآنا بالحليب أمام كل مشارك في المجلس ويظل أمامه طيلة وقت البرنامج وكأنهم طافيلات يسمن بلبن الإبل و يسهرون على شربه كما يسمى عندنا (البلوح)
٦-و هنا مربط الفرس فيجب مراعاة ديكور غرفة المجلس و ان لا يعرض فيها من صناعاتنا التقليدية الا مايكون جميلا و متقن الصنعة و التطريز عكس ما لاحظنا على الغرفة التي كان يقدم فيها برنامج ديماس الساحل من طرف الأديب احمد ولد البو و زميله محمد ولد سيدي يعرف و الفنانة مامة منت احمد زيدان حيث لاحظنا ان (الراحلة) و (ارحال) او (أشقبو) انهما على غير مايورام من الجمال خصوصا الراحلة التي يبدو ان الدهر قد أكل عليها وشرب و تعاورتها اليالي و الأيام و تسلطت عليها أشعة الشمس و البرد و الأمطار حتي تشققت كسوتها من جلود الإبل ( الجمبة) أما غشاؤها فلا محل له من الإعراب اصلا لأنها (تاقشميت) و أظن ان سبب وجودها أنها عثر عليها في احدى (كبّات) انواكشوط او وجدت مطمورة في احد أخاديد أودية آفطوط !
و كان الأجدى بذلك الأديب ان يعتذر عن إدارة تلك الجلسة الأدبية حتى ترمم تلك الراحلة و لو على حسابه الخاص ، وله ان يذكر ذلك كتعويض له في مذكراته ان نشرها لاحقا .
أما موضوع الجلسة فقد أحسنتم فيه و أجدتم كل من جهته فأنت يا ولد أبنو قد أمتعت و أفدت بروائع ادبية أيقظت مشاعرنا من سبات الغفلة الأدبية ، أما زميلك فإنه كان عارفا بمكامن الجمال في النصوص الأدبية الا انه للأسف مالت به العاطفة الأدبية تحت تأثير الإنشاد و الموسيقى الى ان ينشد من ذلك الغزل المنصوف آنفا! أما الفنانة البارعة في الطريقة التي تقدم بها فنها غناء و موسيقى كل ذلك ببراءة طفلة لم تكتشف بعد أنوثتها ، فإنها حقا قد أمتعت مشاهديها غناء و لحنا و حتى (شدا) على (آردين) أنها قد تناست نفسها فيماقدمت من غناء و موسيقى مثل الفنانين الكبار وعكسها مَنْ هُنّ في سنها للائ لا ينسين انوثتهن وهن يقدمن فنهن للجمهور المتلقي!
و اخيرا لكم مني الاحترام و التقدير و آمل ان لا يكون إنتقادي قاسيا في ما ذكرت من نقد ، و ان كان فيه شئ من ذلك فأني معتذر عنه، و دافعي الوحيد في ما قلت هو الحفاظ على تراثنا الحضاري الجميل الذي أبهرنا به العالم جميعا رغم ضعف إمكانياتنا للأشهار عنه بالوسائيل الحديثة .
ذ/ اسلم ولد محمد المختار ولد مانا