استأنفت الطائرات الفرنسية عمليات قصف مواقع الجماعات الإسلامية في مالي، لليوم الثالث على التوالي، بتنفيذ غارات على مواقعهم الخلفية في مدينتي غاو وكيدال، شمالا وعلى الحدود مع موريتانيا، ما خلّف مقتل أكثر من 60 جهاديا في مدينة غاو، في وقت بدأت طلائع قوات المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا، تنتشر موازاة مع ظهور سلاح مكثف من الأسلحة الليبية المهربة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي "إن عملية وقف تقدم الإسلاميين تمّت، وما بدأنا فعله اليوم هو التعامل مع قواعدهم الخلفية في الشمال"، وأضاف أن الترخيص بعبور الطائرات الفرنسية الأجواء الجزائرية أتاح وقف تقدّم الجماعات الإسلامية نحو الجنوب، وتابع "نعمل مع الجزائريين، ونواصل المباحثات. ما نفكر فيه هو أنه في حال كان على القوات الإفريقية التقدم شمالا، سيتعين على الجزائريين إغلاق حدودهم" في تلميح إلى تشديد الحصار عليهم.
وأفاد بيان الخارجية الفرنسية بأن "معسكرات تدريب وبنى تحتية ومخازن لوجيستية تشكل قواعد خلفية للمجموعات الإرهابية قد دمرت". وأضاف "نفذت الطائرات الفرنسية للتو غارات في منطقة كيدال، وتحديدا في اغابو" على بعد 50 كلم من كيدال.
وقال أحد سكان غاو لوكالة الأنباء الفرنسية "سجّلت عشر ضربات في غاو(..) وتم تدمير كافة معاقل الإسلاميين"، كما أغارت الطائرات على أهداف في بلدات أخرى شمال مالي، وتم استهداف معسكر للمسلحين في ليري قرب موريتانيا، بحسب شهود ومنظمة أطباء بلا حدود، كما تم ضرب أهداف قرب دويونتزا 800 كم شمال باماكو.
وأوضح مقربون من الرئيس الفرنسي، بأن القوات الفرنسية تواجه مجموعات "مجهّزة ومدربة بشكل جيد"، تمتلك "معدات حديثة متطورة"، وقالوا "تبين أنهم في الواقع مجهزون بشكل جيد ومسلحون ومدربون بشكل جيد"، وأشاروا إلى أن المجموعات الإسلامية "استولت في ليبيا على معدات حديثة متطورة أكثر صلابة وفاعلية مما كنا نتصور". وفي المقابل، أكدت أنصار الدين سيطرتها على مدينة "كونا" وسط البلاد، وعلى مدينة "ديابيلي"، إضافة الى الثكنة العسكرية التي شهدت إعدام الدعاة الموريتانيين والماليين قبل أشهر، وقال أحد وجهاء المدينة لوكالة الأنباء الفرنسية، أن "عددا كبيرا من الإسلاميين تبادلوا في الصباح اطلاق النار مع جنود ماليين ثم توقف اطلاق النار ودخلوا الى مدينة ديابيلي"، وقال مصدر امني مالي "إن ابا زيد احد قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، تولى شخصيا إدارة العمليات"، في حين جرى إخلاء أغلب مراكز التدريب في مدينة تينبكتو. وتوعد مسؤول في حركة التوحيد والجهاد، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، بالرد على فرنسا، وقال إنها "هاجمت الإسلام وسنضرب فرنسا في الصميم.. سنضربها في كل مكان، في باماكو وفي أفريقيا وأوروبا". وأضاف "ليس لدي ما أقوله حول عدد القتلى، لكن كل المجاهدين الذين قتلوا أصبحوا في الجنة".
من جهته، أوضح الناطق باسم أنصار الدين، ولد بوعمامة، أن قيادي تحرير أزواد "كوجاك" الذي قتل في مواجهات كونا، رأى منذ 3 أسابيع رؤيا بشأن استشهاده، وها هي تتحقق"، مشيرا إلى أن الحركة ستصدر بيانا حول مصير الرهائن الفرنسيين، مؤكدا أن المقاتلين يعتمدون إستراتيجية تقيهم عمليات القصف، كعدم التجمع واستخدام مضادات للطائرات، بينها صواريخ "سام 7"، تكون قد حصلت عليها من ليبيا، حيث تمكنت من إسقاط مروحيتين فرنسيتين. وبينما التأم أمس، مجلس الأمن الدولي في جلسة طارئة لمناقشة الأوضاع في مالي، بناءا على طلب من فرنسا التي تقاتل المسلحين هناك، عزّز الجيش الموريتاني حضوره على الحدود مع مالي، في وقت سجّلت موجة نزوح كبيرة هربا من الحرب، قدرها أحد موظفي المفوضية العليا لغوث اللاجئين الأممية، بأكثر من 500 عائلة تم تسجيلها خلال اليومين الأخيرين.