رغم تأزم أوضاع موريتانيا الداخلية ورغم اندلاع حرب مالي التي تشاركها 2000 كلم حدود وتقاسمها الانتماءات الاجتماعية وبؤر التوتر ورغم تدفق النازحين من ليرة إلى فصاله واحتمال لجوء عناصر مسلحة الى الحدود الموريتانية ورغم ما يتطلبه الوضع من مراقبة عن كثب وعلى أعلى مستوى سافر محمد ولد عبد العزيز الى تونس ليومين ومنها سيسافر إلى الامارات وبعد الامارات يجري الحديث عن سفرات أخرى غير مصنفة...
فالرئيس مسافر رحالة ومهاجر، وجنوحه للسفريات والبساط الأحمر وإقامات خمسة نجوم فما فوق أنساه أنه برر إطاحته بالرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله بأن هذا الأخير كان كثير السفر الى الخارج ولا تهمه الأوضاع الداخلية للبلاد... ربما يتصور الرئيس أنه بإمكانه إدارة شأن البلاد بالهاتف والريمونت كونترول لكن ذلك على علاته كان مفهوما أيام المرض أما في ايام النقاهة فلا يمكن أن تدار الصراعات الإقليمية والدولية بالهاتف... الأوضاع ملتهبة ومتفجرة وتتطلب متابعة آنية موصولة واتخاذ قرارات خطيرة مصيرية، فالموريتانيون بمالي يواجهون حملة كراهية وقد يتعرضون للإبادة والمسلحون يتسللون لواذا عبر منافذ الحدود ومنهم من يحاول الانطلاق عبرها والقصف مستمر والعمليات الحربية في تصاعد وفي ظرف كهذا لم يكن مستساغا ولا مقبولا ان يسافر الرئيس سفرات بروتوكولية لا تكتسي أية أهمية خاصة ولا عامة، فمشاركة تونس في احتفالات ثورتها المتعثرة لن تضفي الثورية على آخر الأنظمنة العسكرية الأحادية بالمنطقة، وزيارة الإمارات كان يمكن تأجيلها.
إن سفر الرئيس في ظرف كهذا يضع ثقلين في كفتي ميزان المنطق، فمن جهة هنالك التزامات الرئيس البروتوكولية ومن جهة هنالك مصالح موريتانيا الحيوية، وبديهي أن مصالح موريتانيا أهم من التزامات أي شخص حتى ولو كان الرئيس، وبالمناسبة هذه الالتزامات وفي هذا السياق الذي سافر فيه الرئيس ليست حدية ويمكن التعامل معها تأجيلا وإلغاء دون إكراهات، لكن جنوح الرئيس نحو "الخروج" في أي اتجاه وفي أية ظروف حسم الموضوع وهو ما ينم عن سوء تقدير وتشويش في ترتيب الأولويات وأخشى أن يعكس قصورا قاتلا في إدارة الصراعات يهدد لحمة موريتانيا ووجودها من أساسه.
سلامي ولد خبوزي