اعزي الشعب الموريتاني في فقيده الكبير الفنان سداتي ولد آب !!
أني اعزي فيه كذلك تكّانت و آدابها و حضارتها التي ساهم فيها ضمن أعلام المنطقة خصوصا محمد ولد آدبه و سيدي محمد ولد الكّصري، و قد كانت ( قيثارة) المرحوم سداتي ولد آب تبث عبرها للأديبين روائعهم الأدبية خصوصا شعر الطبيعة و التصوف التأملي لدى المرحوم ولد آدبه ، و قد كانت نغمات الشاعر سداتي تنقل كل ذلك الى وجدان ( كل بظاني ) في أي زمان و مكان ! ثم أعزي فيه أيضا أسرة الفنانين الموريتانيين و في مقدمتهم أسرة أهل آب و الذين ينطبق عليهم ما وقع لبني ( نبهان ) يوم وفاة المرحوم أبو حميده الطوصي لما رثاه الشاعر ( أبو تمام ) بقصيدته الرائعة التي مطلعها : الا فليجل الخطب وليبدح الأمر .... الا ان يقول : كأن بني نبهان يوم وفاته...نجوم سماء خر من بينها البدر .
إن الفنان سداتي ولد آب كان يمثل الفنان الملتزم وطنيا و خلقيا و عفة و قناعة ، حيث بقى _عصيا رغم التقدم في السن _على تغير سجاياه المطبوعة بالخلق الرفيع ! إن المرحوم سداتي لما قد لحن النشيد الوطني إبان نشأة الدولة الموريتانية حينئذ قد اكتشفه الجمهور الوطني الذي ظل مرتبطا به حتي انه كان كل يوم احد يتجمهر المواطنون بمختلف أعمارهم أمام المذياع و الذي كان الوسيلة الوحيدة للاتصال يومئذ لليستمتع ذلك الجمهور بألحان المرحوم و أنغامه و هو يتغنى بمدائح المتصوف المشهور ( البراعي ) و كذا رومانسيات ولد آدبه و مواعظه العميقة .
و قد ظل جمهروه وفيا له حتي بعد عولمة الفنون و الآداب و انتشار وسائل الاتصال الحديثة . و يكفي المرحوم عطاء و فخرا كونه مؤسس مدرسة تكّانت الموسيقية والغنائية والتي من خريجيها الأوائل المرحوم الشيخ لد آب و ديمي منت آب و أولاد ايده و الفنانة المتألقة كرمي منت سداتي ولد آب و غيرهم كثير.
و في هذا المقام الجلل المتمثل في فقدان هذا الرمز الوطني فإني اتوجه الي الله العلي القدير ان يغفر للمرحوم سداتي ولد آب و ان يتغمده بنعائم جناته و ان يلهم ذويه الصبر و السلوان . و في الختام لم يبق لي في هذه التعزية الا ان أقول إنا لله و إنا اليه راجعون، و لكن اذكر بأنه مما يخفف و طأة هذا الحدث الأليم هو ان ( كل نفس ذائقة الموت ) ،
سواءمن قد مات فعلا ومن مازال علي قيد الحياة ينتظر تلك النهاية الأكيدة ، باركها الله علينا و علي جميع المسلمين انه هو السميع العليم.
ذ/اسلم ولد محمد المختار