تناولت "الصحافة الصفراء" وأقلام الارتزاق يوم أمس أخبار متضاربة تبين الميل الانتفاعي والزبوني اللامسؤول لصحافتنا عافاها الله مما ابتليت به.
فبعضها قال إن غضبا عارما يسود مقاطعة تامشكط من التهميش الذي أصابها من تعيينات حملة غزواني، بينما ذهبت صحافة أخرى إلى أن الفرح والغبطة والاحتفالات تعم المقاطعة بسبب نوعية التمثيل في هذه الحملة.
وهنا فإني أستشيط غضبا وأتمزق قلبا مما ذهب إليه الإدعاءان الصحفيان من عميق الكذب والتجني على هؤلاء السكان.
إن سكان مقاطعة تامشكط الذين يشكل الفقراء المطحونين منهم نسبة تزيد على 80 % لا يهتمون بهذا الشأن ولا يكترثون به ، وإن كان محل عناية فهو من ثلة قليلة لا تتعدى أصابع اليد من "السماسرة" السياسيين.
ليس في مقاطعة تامشكط من يهتم بالتعيينات في الحكومة ومؤسساتها العليا فضلا عن تعيينات الحملة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
إن مأساة هذه المقاطعة أعمق من ذلك وأكثر تجذرا وأطول عمرا، وإن الذي يقتصرها في التعيينات إنما هو كاذب ، خاطئ ومحتقر لأهلنا.
إن الذي يشد بال سكان هذه المقاطعة هو العزلة والتهميش والبقاء على هامش الحياة. إنه غياب الرعاية الصحية وانهيار التعليم وانتشار البطالة والخوف من المستقبل.
ما يهم هذه الساكنة المسكينة هو الغداء والعشاء وماء يطفئ عطش الأطفال وتغافل حكومتهم عن مد أتفه الأشياء !!
إن الذي يحتل عقول السكان ونظراتهم هو ثلاث سنوات من جفاف ماحق أتى على أغلى ما يملكه السكان وهو ثروتهم الحيوانية، وعطلهم عن زراعة حقولهم فلم يحصدوا حبة واحدة.
ليست مشكلة سكان تامشكط في تعيينات ثلة من الأفراد هم سبب الويلات على المقاطعة وهم ربابين سفينتها إلى الغرق والهلاك.
إنه جوع وعطش أدباي الكتانه وأبيسيف وأجوبه والنيشان وفي أحياء حلت مربه والمشروع والعركوب وغيرها.
إنها نسوة حوامل يضعن أولادهن على ظهور الحمير في طريقهن إلى تلمس مركز صحي غير موجود.
إنها أجيال كاملة تندب حظها في التعليم والغذاء والتشغيل والحياة الكريمة.
إن فرح وترح سكان تامشكط لا يمكن أن يختزل في مجاز أفراد عُينُوا أو أَقيلوا؛تلكم مسألة تافهة لا تعني للسكان المرهقين بضنك العيش ورحى الفاقة والحرمان شيئا.
أيتها الصحافة المأجورة خذي دريهماتهم "المشبوهة" وأعف السكان من التقول عليهم ومنكر الزور.
عبد الله الطالب