كان الاستقبال الشعبي الذي نظم اليوم في مدينة كيفه في وجه رئيس الجمهورية باهتا إلى أبعد الحدود ووصفه المتتبعون للشأن المحلي بأنه الأضعف في تاريخ المدينة في مناسبات زيارات الرؤساء.
ولولا الصفوف الجماهيرية المنضوية في حلف "الوفاء" بقيادة النائب البرلماني لمرابط ولد الطالب ألمين لظهرت المدينة وكأنها تقاطع هذه الزيارة وهنا فإن غياب أي نشاط لرجال الأعمال المنحدرين من المدينة والمحظوظين جدا عند الرئيس في هذا الاستقبال أمر حير المراقبون.
صحيح أن المنتخبين والأطر والوجهاء بالولاية حضروا إلى خيمة الحفل لكنهم فعلوا ذلك بأجسادهم فقط دون قواعدهم فهل فقد هؤلاء قوة التأثير؟ أم أنهم تعجلوا التولي عن صاحبهم ولد عبد العزيز؟
لا شك أن الفاعلين بمقاطعة كيفه فقدوا الكثير من المصداقية لدى ما يحركون من قواعد قبلية؛ وبالتالي لم يعد لديهم التأثير المعهود في السنوات الفارطة ، فقد دأب هؤلاء على التواري عن الجماهير والتفرج على معاناتها وعدم إبداء الاهتمام بشؤونها والعودة فقط في مواسم البيع ومصادرة الإرادات؛ وهو الأمر الذي ملته الجماهير؛ ولم تعد معه مستعدة لتصديق هؤلاء كل مرة، وذلك أدى في نهاية المطاف إلى احتلال بعض الوجوه السياسية الجديدة المشهد منتهزة فرصة تحطم الثقة بين الطبقة القديمة والجماهير.
ورغم ذلك فإن هؤلاء قادرين على التعبئة إذا طَعَمُوا نشاطهم ذلك بتوزيع بعض المنافع وإثارة العواطف القبيلة؛ وهو ما عزفوا عنه اليوم في هذا الاستقبال فكانت السيارات الفاخرة أكثر من الأنفس.
لذلك فإن مرد تهاونهم مع تحريك الجماهير يعود بالأساس إلى عدم استعدادهم للإنفاق على مهرجان رئيس مغادر فهو قوم لا يحبون الآفلين، لذلك يدخرون الجهد والمال للرئيس القادم.
إن مستوى الاستقبال قد انعكس على قسمات وجه الرئيس الذي ظهر شبه غاضب وعند دخوله المنصة لم يحي مستقبليه واكتفى بالتلويح بيد سريعة ثم جلس لمتابعة فعاليات التدشين.
بالأمس يسبحون بحمد الرجل ويمجدون ذاته، فهو الطاعم الكاسي واليوم و هو على عتبة الخروج من المشهد لا يريدون في سبيله أكثر من مظاهر المجاملة والحضور الشكلي.