العملة واحدة !
تعج الساحة السياسية هذه الأيام بلافتات متنوعة و خطابات متعددة تستجدي ود الناخب الذي لا تنقصه الوعود و لا يخصه الإذلال .
لقد تميز الوضع السياسي خلال عشر خلت ، بالشد و الجذب بين موالاة أغراها الطمع فأعماها عن واقع مر يعيشه المواطن ، و معارضة أعياها الحرمان فلم تعد ترى إلا ما كان أسودا حالكا .
اليوم و نحن في حملة انتخابية سابقة لأوانها يبدو المشهد السياسي قد آل إلى تقلبات في الطرح ، و انقلابات على المبادئ يصعب معها التنبؤ بما قد يحدث غدا .
فالسياسة في النهاية لعبة المصالح لا دروسا في الأخلاق.
و أن كانت الأخلاق قد طفت على السطح معيارا للمفاضلة في هذا الموسم حتى جاءت التسريبات الحميميمة - بغض النظر عن مدى صدقيتها - لتحيدها عن الفعل السياسي تماما .
لقد شكل ترشح السيد سيدي محمد ولد بوبكر زلزالا سياسيا، هدم صرح المنتدى الذي شيدوه في بضع سنين ، و هدت هزاته الإرتدادية أركان الموالاة .
و ما إن أفاق الجوق السياسي من الصدمة حتى كان التموقع و إعادة التموقع ، لنجد حزب تواصل خلف الرجل الثاني في نظام جلادهم و حزب عادل وراء الرجل الثاني في نظام المنلقب عليهم .. إنها السياسة حقا و قد أينعت . و يكتفي حزب التكتل بدعم باهت للسيد محمد ولد مولود دون أن يكون له صوت مسموع فيما يحدث .
و ربما هناك من ينتظر خروج الرئيس محمد ولد عبد العزيز بشكل نهائي من المشهد ، حتى يأخذ موقفا يطمئن له ضميره أو يرتاح له جيبه .
كثرت المبادرات و كثر اللغط و تميعت الاصطفافات؛ ذلك أن ثنائية الطرح أخذت في الإنحسار لتقارب مرجعيتي المترشحين الرئيسيين حتى الساعة .
لقد كان ولد بوبكر رجل تكنوقراط و ليس مسؤولا عما حدث في عهده ؛ هكذا يقولون . و هو الرجل الثاني في الدولة .!! و كان ولد الغزواني قائد الأركان العامة للجيوش وليس مسؤولا عما حدث في عهده ؛ هكذا يقولون . و هو الرجل الثاني في الدولة أيضا !! . لقد كان الإثنان يعلمان أن الفساد مستشري، و أن الشعب يعاني ، لكن طبيعة عمليهما تمنعانهما من تغيير المنكر و لو بالقلب و ذلك أضعف الإيمان . أي منطق هذا ؟ إن العملة واحدة .
لقد كانا يحسان بمعاناة الشعب لكنهما كانا -فيما يبدو- صبورين صبر المواطن على الجوع و العطش . كانا ينتظران هذه اللحظة لنكتشف -فجأة- قربهما من المواطن .!
إلا أن حرصهما في البداية على الظهور مع بعض الشخصيات العلمية الدينية ، و الشخصيات التقليدية -على الطريقة الإفريقية- في الوقت الذي يضنون فيه بلقاء مواطن كادح أفنى زهرة عمره متيما بوطن ضن هو الآخر عليه بالعيش الكريم ؛ جعلهما سياسيين موريتانيين بامتياز لا ما سوقه "الأنصار" و "المهاجرون" لهما من أحلام وردية .
الحسن محمد الشيخ